وقوله: (يستوي فيه الإمام والمأموم) ينبغي أن يعلم بالحاء، ثم إن كان المراد استواءهما في معنى الفاتحة فالحاء عليه، كهو على قوله: (متعينة) فإن أبا حنيفة لا يقول بتعينها على الإمام ولا على المأموم، فقوله يخالف قول القائل باستوائهما في تعينها عليهما؛ لأنه يقول باستوائهما في عدم تعينها عليهما، وأن المراد استواءهما في أصل ركن القراءة، فتكون الحاء إشارة إلى أن القراءة غير واجبة على المأموم أصلاً بخلاف الإمام، وليعلم هذا الموضع بالواو أيضاً للوجه الذي نقله القاضي ابن كج.

وقوله: (والجهرية) بالميم والألف، لما رويناه من مذهبهما. وقوله: (إلا في ركعة المسبوق) إنما استثناهما؛ لأن من أدرك الإمام في الركوع كان مدركًا للركعة على ما سيأتي وإن لم يقرأ الفاتحة في تلك الركعة، ثم كيف يقول: أيتحمل الإمام عنه الفاتحة أم لا يجب عليه أصلاً؟ فيه مآخذان للأصحاب، وفي هذا الاستثناء إشارة إلى أن اشتمال الصلاة على القراءة في الجملة غير كافٍ، بل هي واجبة في كل ركعة من ركعات الصلاة خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: لا تجب القراءة في الفرائض إلا في ركعتين، فإن كانت الصلاة ذات ركعتين فذاك، وإن كانت أكثر من ركعتين فالواجب القراءة في ركعتين وفيما سواهما يتخير بين أن يقرأ أو يسبح أو يسكت، ولمالك حيث قال: تجب القراءة في معظم الركعات، ففي الثلاثية يقرأ في ركعتين، وفي الرباعية في ثلاث ركعات، ويروى هذا عن أحمد، والمشهور عنه مثل مذهبنا.

لنا ما روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَقْرَأَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ" (?).

وقوله: (ونقل المزني) أي سماعًا عن الشافعي -رضي الله عنه- وإلا فقد نقل القول الأول أيضاً عن غيره عن الشافعي كما ذكرنا، وهم جميعاً مذكوران في "المختصر".

قال الغزالي: ثُمَّ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آيَةٌ (ح م) مِنْهَا، وَهِيَ آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ إِمَّا مَعَ الآيَةِ الأُولَى أَوْ مُسْتَقَلَة بِنَفْسِهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

قال الرافعي: التسمية آية من الفاتحة لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَقَرَأَ بِسْمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015