وأصحهما: أنه تجب عليه أيضاً؛ لما روي عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: "كُنَّا خَلْفَ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الفَجْرِ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا فرَغَ قَالَ: لَعَلَّكُم تَقْرَؤُنَ خَلْفِي، قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: لاَ تَفْعَلُوا ذلِكَ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" (?).
وهذا القول يعرف "بالجديد"، ولم يسمعه المزني من الشافعي -رضي الله عنه- فنقله عن بعض أصحابنا عنه، يقال: إنه أراد الربيع، وأما القول الأول فقد نقله سماعاً عن الشافعي -رضي الله عنه- وقال أبو حنيفة: لا يقرأ المأموم لا في السرية ولا في الجهرية، وحكى القاضي ابن كج أن بعض أصحابنا قال به، وغلط فيه.
التفريع إن قلنا: لا يقرأ المأموم في الجهرية فلو كان أصم أو كان بعيداً لا يسمع قراءة الإمام فهل يقرأ؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم، ولو جهر الإمام في صلاة السّر أو بالعكس، فالاعتبار بالكيفية المشروعة في الصلاة أم بفعل الإمام؟ فيه وجهان:
قال صاحب "التهذيب": أصحهما: أن الاعتبار بصفة الصلاة، وهذا ظاهر لفظ المصنف حيث قال: (سقوطها عن المأموم في الجهرية) والصلاة الجهرية إن أسر الإمام بها والذي ذكره المحاملي حكايةً عن نص الشافعي -رضي الله عنه- يقتضي الاعتبار بفعل الإمام وهو الموافق للوجه الأصح في المسألة المتقدمة، وهل يسن للمأموم على هذا القول أن يتعوذ؟ روى في "البيان" فيه وجهين:
أحدهما: لا، وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه لا يقرأ.
والثاني: نعم؛ لأنه ذكر سوى فيشارك الإمام فيه، كما لو أسر بالفاتحة، وإذا قلنا: المأموم يقرأ فلا يجهر بحيث يغلب جاره ولكن يأتي بها سراً بحيث يسمع نفسه لو كان سميعاً، فإن ذلك أدنى القراءة، ويستحب للإمام على هذا القول أن يسكت بعد قراءة الفاتحة قدر ما يقرأ المأموم الفاتحة، ذكره في "التهذيب".
وإذا عدت إلى ألفاظ الكتاب عرفت أن قوله: (متعينة) وقوله: (لا تقوم ترجمتها مقامها) لم أعلم كل واحد منهما بالحاء.