قال لامرأته: زنَيْتِ بفلانة، أو زَنَتْ بكِ أو أصابَتْكِ فلانةٌ، بنسبتِها إلَى السُّحَاق.

وأما الكتابة، فكقوله للقرشي: (?) يا نَبَطِيُّ وللرجل: يا فاجر ويا فاسق، ويا خبيثُ، وللمرأة: يا خبيثة، ويا شبقة وأنت تحبين الخَلْوة، وفلانة لا تردُّ يَدَ لامس، وما أشبه ذلك، فإن أراد النسبة إلى الزنا، فهو قذْف، وإلا فلَيْس بقَذْفٍ، وإذا أنكر الإرادة، صُدِّق بيمينه، وإذا عرضت اليمين عليه، فليس له أن يحلف كاذباً؛ دفعًا للحد أو تحرُّزاً من إتمام (?) الإيذاء ولو خلى، ولم يَحْلف، فالحكاية عن كلام الأصحاب -رحمهم الله-: أنه يجب عليه الإظْهار، ليستوفى منه [الحدّ، وتبرأ ذمته؛ كمن قتل إنساناً في خفية يجب عليه إظهاره ليُسْتَوْفَى منه القصاص، أو يُعْفَى عنه، وهذا قولٌ يوجب الحدَّ عليه فيما بينه وبيْن الله -تعالى-، وفيه احتمال آخر: أنه لا يجب الإظْهار؛ لأن إظهار التفْسير إتمامُ الإيذاء، فيبعد إيجابه، وعلى هذا، فلا يُحْكمُ بوجوب الحدِّ ما لم يوجد الإيذاء التامُّ، ونظم الكتاب يميل إلى ترجيح هذا الاحتمال، والأول أشْبَه، والله أعلم.

وأما قول الزوج لزوجته: لم أجِدْكِ عذْرَاءَ، فَلَيْسَ بصريح في القَذْف، وكذا قوله: وجدتُّ معك رجلاً، وحكي عن القديم: أنه صريحٌ، ولو قاله أجنبي لأجنبية، لم يكن صريحاً، بلا خلاف؛ لأنه قد يريد زوْجَها, ولو قال: زنَيْت مع فلانٍ، فهو صريح في حقِّ المخاطبة دون فلان.

وعن أبي حنيفة: أن صريح في حقِّ فلانٍ أيضاً.

وأما التعريض، فليس بقَذْف، وإن أراده، وذلك كقوله: يابْنَ الحَلاَلِ، وأما أنا، فلَسْتُ بزانٍ، وأمي ليست بزانية، وما أحسن اسْمَكِ في الجيران، وما أشبه ذلك؛ لأن النيَّة إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنويّ، وهاهنا لا دَلاَلة [له] (?) في اللفظ ولا احتمال، وما يتخيل، ويفهم منه، فمستنده قرائن الأحوال. هذا هو الأصح، وفيه وجْهٌ: أنه كنايةٌ، فإذا انضمَّت إليه النيَّة كان قذْفًا؛ اعتمادًا على الفهم وحصول الإيذاء، وهذا ما أورده الشيخ أبو حامدٍ وجماعة، وعن مالك وأحمد -رحمهما الله- أنه صريح في حال الغَضَب، وربما أطلق النَّقْل عن مالك، فيجوز أن يُعْلَم قوله في الكتاب "ليس بكناية" بالواو، وقوله "ولا صريح" بالميم والألف، والمثال المذكور في الكتاب للكناية وهو قوله للقرشي "يا نبطيُّ"، يكون قذفاً للأم إذا أراد أنها زَنَتْ، لا للمخاطب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015