أحدهما، وبه قال ابن الحدَّاد: نعم؛ لأن الحَقَّ الماليَّ إذا تعلَّق وجوبُهُ بكثر من سَبَب واحدٍ، جاز تقديمه على وقْت وجوبِهِ كما تُقدَّم الزكاة على الحول، وكفارة اليمين على الحنث.
والثاني، وهو جواب الأكْثَرين: أنه لا يُجْزئ؛ لأن الأصْل أن لا يُقدَّم الواجب على وقته، وإنما جوَّزنا تقْدِيم الحَقِّ المالي إذا تعلَّق بشيئين، ووجد أحدهما، والكفارة هاهنا تتعلَّق بالظهار والعود، فلا يجوز تقديمها [عليهما،] (?) كما لا يجوز تقديم الزكاة على الحَوْل والنصاب جميعًا، وكفارة اليمين على اليمين والحنث [جميعًا] (?) ويجري الخِلاَف فيما لو أطْعَم عن الظِّهَار قبْل أن يدْخُل الدار، وهو مِنْ أهْل الإطعام، وأما (?) الصوم فهو عبادةٌ بدنيَّةٌ، والظاهر منْع التقديم فيه على الإطْلاق، والوجهان جاريان في تعليق الإيلاء، فإذا قال: إن دخَلْتِ الدَّار، فوالله لا أطاك، ثم أعتق عن كفارة اليمين قتل دُخُول الدار، قال ابن الحدَّاد: يُجْزِئُه، ولو قال: إن دخَلْتِ الدار، فأنتِ عليَّ كظهر أمّي، وقال: متى دخلْتِ الدار، فعَبْدِي فلانٌ حرٌّ عن ظهاري، فدخلَتْ، فعلى قول ابن الحدَّاد؛ يصير مظاهرًا، ويعتق العبد [عن الظِّهار، وكما يصح إعتاقه عند الظِّهار قبل الدخول، يصح التعليق] (?)، وعلى الأظهر كما لا يَصحُّ الإعتاق قبْل الدخول، لا يصح تعليقه، وأما الإعتاق عن الظِّهَار بعد الظِّهَار، وقبْل العود، فهُو جائز؛ كالتكفير بعد اليمين وقبل الحنث، وقد ذكره في الكتاب في "باب الأَيْمَان"، وهناك نذكر أنه كيْف تصور تقديم (?) الإعتاق على المَوْت.
ولو قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي أعْتقت هذا العبد عن كفارتي، أو أنتِ عليَّ كظهر أمِّي، وسالم (?) حر عن ظهاري، فهذا إعتاق مع العَوْد (?)؛ لصيرورته مُمْسِكًا بكلمة الإعتاق عَقِيب الظِّهار، ويجزئه عن الكفَّارة؛ لتأخره عن الظِّهار.
وقوله "كما لو قال: إنْ دخلْتِ الدارَ، فوالله لا أكلِّمُك، ثم أعتق قبل الدخول" لَيْست [هذه] (?) الصورة متَّفقًا عليها، بل الخلاف في الصورتين واحدٌ، ومَنْ جوَّز الإعتاق عن الظِّهار قبل الدخول، جَوَّز الإعتاق عن كفَّارة اليمين، كما ذكَرْنا في صورة الإيلاء.
وقوله "لأن التعليق أحَدُ الأسباب" يشير إلى أن وجوب الكفارة يتعلَّق بثلاثة أسباب: دخول الدَّار المعلَّق عليه، والظِّهَار، والعَوْد، ثم التقريب ما ذكَرْنا أن الحَقَّ