والثاني: أن التعليقُ يبقي الشيء بصيغة تقتضي ذوات ذلك الشَّيْء على الإطلاق، على ظاهر المَذْهَب، وقد ذكرناه في الطلاق، وإذا تذكَّرت الأصلَيْن، ففي الصورة المذكورة؛ لو تزوَّج فلا ظِهَار، ولا عَوْد وإن لم يمكنه التزوُّج عليها؛ بأن مات هو، أو ماتَتْ هي عقيب التعليق، وكذلك لا ظهار ولا عَوْد، وإنما يَصِير مظاهرًا، إذا فات التزوُّج عليْها مع إمْكَانه وحصل الياس عنه بأن تَمُوت هي، أو يموت هو، وحينئذ يُحْكَم بكونه كان مظاهرًا قبيل الموت، وفي لزوم الكفَّارة وحُصُول العَوْد وجْهَان:
قال ابن الحدَّاد: [تلزمه الكفارة، ويصير عائدًا عُقيب صيرورته مظاهرًا، وقال الجمهور:] (?) لا كفارة عليه، والعَوْد إنما يَحْصُل إذا أمْسكَها بعْد الظِّهار مدَّة يمكنه الطّلاق فيها، فلم يطلِّق، ولا ضرورة هاهنا إلى تقديم الظِّهار، وتقدير العَوْد، ولو لم يتزوَّج عليها مع الإمكان، حتى جُنَّ، فإن أفاق، ثم مَاتَ قبل التزوُّج، فالحُكْم ما بينَّا، وإن اتصل الموت بالجنون، فتَبَيَّن صيرورته مظاهرًا قبيل الجنون، لتبيُّن الفوات من يومئذ، وحكى الشيخ أبو عليٍّ أنَّا لا نحْكُم بصيرورته مظاهرًا إلا قُبَيْل الموْت، ويجيءْ مثله في تعليق الطَّلاق، ولم يذكره هناك ولا تَظْهَر فائدة هذا الخلاف في الظِّهار، إذا قلْنا بالصحيح؛ وهُوَ أنه لا تجب الكفَّارة، ولا يُحْكم بحصول العَوْد، وعلى جواب ابن الحدَّاد؛ تظهر فائدة الخلاف فيما إذا اختلف حالُهُ في اليَسَار والإعسار، فإن قلْنا: صار مظاهرًا عنْد الموت، نَظَرْنا في يساره وإعساره حينئذ، وإن اعتبرنا قبيل الجنون، فكذلك (?) ولو قال: إذا لم أتزوَّج عليْكِ، فأنتِ عليَّ كظهر أمي، فأذا مضى عقيب التعْليق مدةُ إمْكَان التزوُّج عليها، ولم يتزوَّج، صار مظاهرًا، والفَرْق بين "إن" و"إذا" قد مَرَّ في "كتاب الطلاق"، وقد ذكرنا أن من الأصْحَاب مَنْ خرَّج الجواب من كل صُورة في الأخرى، فيجوز أن يُعْلَم لذلك قوله في الكتاب "فإنما يصير مظاهرًا عند اليأس" لأن على ذلك التخريج يصير مظاهرًا إذا مَضَى زمان يُمْكنه أن يتزوَّج عليها، فلم يتزوَّج، واعلم أن نَظْم الكتاب يشعر بتَرْجيح هذا الوجْه الَّذي قاله ابن الحدَّاد، والظاهر خِلاَفُه.
الثانية: لو قال: إن دخَلْتِ الدار، فأنتِ عليَّ كظهر أمي (?)، ثم أعْتَقَ عن كفَّارة الظِّهار، ثم دخلَتِ الدار، هل يُجْزئه إعتاقُه عن الكفَّارة؟ فيه وجهان: