ومتى يصير عائدًا إذا جرى الوطء فيه وجهان: أشبههما: أنَّه يصير عائدًا عنْد الوطء، وعلى هذا، فالوطء الذي هو العَوْد، لا يحرم، لكن إذا غَيَّب النَّزْع، كما ذكَرْنا فيما إذا قال: إن وطِئْتُك، فأنت طالقٌ، قد ذكرنا هناك وجْهًا: أنه لا يَحِلُّ له الوطء.
قال الإِمام: ولا شك في جريان ذلك الوَجْه هاهنا.
والثاني: عن الصيدلاني وغيره: أنه إذا وَطِئَ، تبيَّن كونُه عائدًا من وقْت الإمساك عقيب الظِّهار؛ لأنه تبيَّن أن الإمساك لم يكُنْ كما بعد المدة، ومن قال بالأول، قال: يجوز أن يمسك، ولا يقصد شيئًا، ويجوز أن يقْصِد بالأمساك ما بعد المدة، ثم يتفق الوطء، فلا معنى للحكم بانعطاف العَوْد إلى الأول، وعلى هذا الوجه، يحرم ابتداء الوطء أيضًا، كما لو قال: إن وَطِئْتُكِ، فأنت طالق قبْله، لا يجوز الإقدام على الوطء.
ويحرم عليه الوطء بعْد ذلك الوطءَ، بإتفاق الوجهَيْن إلى أن يُكَفِّر أو تمضي المدَّة، فإن مضَت المدة، حَلَّ له الوطء؛ لإرتفاع الظِّهار، وبقيت الكفارة في ذمَّته، ولو لم يطَأْ حتَّى مضَت المدة، فلا شيْء عليه، وتردَّد الإِمام فيما إذا ظاهَرَ ظهارًا مطْلقًا وعاد؛ في أن التحريم يحْصُل بنَفْس الظِّهار أم بالظهار والعود جميعًا؟ قال: والظاهر الثاني؛ لأن الكفَّارة مرتَّبة عليهما جميعًا، والتحريم مرتَّب على وجُوب الكفارة، والخُرُوجُ منْه مرتَّب على أدائها، وتَظْهَر فائدة التردُّد في لمسه، وقبلته بغرض عقيب الظِّهار إلى أن يُتِمَّ زمن لفْظ (?) الطلاق، وإذا حَصَل العَوْد في الظِّهار المؤقت على اختلاف الوجهين، فالواجب كفَّارة الظِّهار على ظَاهِر المَذْهَب، وعليْهِ يتفرع الأحكام المذكورةُ، وفيه وجْه أن الواجب كفَّارة اليمين، وينزل لفْظ الظِّهار منزلة لفظ التحريم، وذكر القاضي ابن كج تفريعًا عليه أنَّه يَجُوز له الوطء قبْل التكفير، ويجوز أن يُعْلم لذلك قوله في الكتاب "ويحرم عليه الوطء" وقوله "فيكون الوطء الأول أيضًا حرامًا" وقوله قبل ذلك "ثم لا يكون عائدًا" معلم بالزاي والواو.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِي): لَوْ قَالَ لأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَمِّي، فَإِنْ أَمْسَكَ