عن ركن فلا يسقط عنه غيره كما لو عجز عن القيام لا تسقط عنه القراءة، ثم إذا انتهى إلى الركوع والسجود يأتي بهما على حسب الطاقة فيحني صلبه بقدر الإمكان فإن لم يطق حنى رقبته ورأسه فإن احتاج فيه إلى الاعتماد على شيء أو إلى أن يميل على جنبه لزمه ذلك، فإن لم يطق الانحناء أصلاً أومأ بهما.
قال الغزالي: وَلَوْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَام قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ، لَكِنَّ الإِقْعَاءَ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى وِرْكَيهِ وَينْصِبَ رُكْبَتَيْهِ، وَالافْتِرَاشُ أَفْضَلُ فِي قَوْلٍ، وَالتَّرَبُّعُ فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ: يَنْصِبُ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى كَالقَارِئِ يَجْلِسُ بَيْنَ يَدَي المُقْرِئِ لِيُفَارِقَ جِلْسَةَ التَّشَهُّدِ.
قال الرافعي: إذا عجز عن القيام في صلاة الفرض عدل إلى القعود لما سبق في خبر عمران، ولا ينتقص ثوابه لمكان العذر، ولا يعني بالعجز عدم التأتي فحسب بل خوف الهلاك، وزيادة المرض، ولحوق المشقة الشديدة في معناه، ومن ذلك خوف الغرق، ودوران الرأس في حق راكب السفينة.
ولو جلس الغازون في مكمن فأدركتهم الصلاة، ولو قاموا لرآهم العدو وفسد التدبير فلهم أن يصلوا قعودًا لكن يلزمهم القضاء فإن هذا سبب نادر، وإذا قعد المعذور فلا يتعين للقعود هيئة بل يجزئه جميع هيئات القعود لإطلاق الخبر الذي تقدم لكن يكره الإقعاء، هذا في القعود وفي جميع قعدات الصلاة، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى أَنْ يُقْعِيَ الرَّجُلُ فِي صَلاَتِهِ" (?) ويروى أنه قال: "لاَ تُقْعُوا إِقْعَاءَ الْكِلاَبِ" (?) واختلفوا في تفسيره على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الإقعاء أن يفترش رجليه ويضع أليتيه على عقبيه.
والثاني: أن يجعل يديه على الأرض ويقعد على أطراف أصابعه.
والثالث: وهو الذي ذكره في الكتاب أن الإقعاء: هو الجلوس على الوركين ونصب الفخذين والركبتين، وهذا أظهر؛ لأن الكلب هكذا يقعد، وبهذا فسره أبو عبيد لكن زاد فيه شيء آخر وهو وضع اليدين على الأرض، وما الأولى من هيئات القعود فيه قولان. ووجهان أحد القولين: أن يقعد متربعاً لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "لَمَّا صَلَّى جَالِساً