لسقط لم تجزه صلاته فيحصل من مجموع ذلك ثلاثة أوجه:

أحدها -وهو المذكور في الكتاب-: أنه لا يجوز الاتكاء عند القدرة بحال.

والثاني: الجواز ولعله أظهر؛ لأن المأمور به القيام ومن انتصب متكئاً فهو قائم.

والثالث: الفرق بين الحالتين، وهذا الكلام في الاتكاء الذي لا يسلب اسم القيام، أما لو اتكأ بحيث لو رفع قدميه عن الأرض لأمكنه فهذا معلق نفسه بشيء، وليس بقائم، ولو لم يقدر على الإقلال انتصب متكئاً فإن الانتصاب ميسور له إن كان الإقلال معسوراً، والميسور لا يسقط بالمعسور، وحكى في "التهذيب": وجهاً آخر، أنه لا يلزمه (?) القيام والحالة هذه بل له أن يصلي قاعدًا فليكن قوله: (انتصب متكئاً) مرقومًا بالواو لهذا الوجه، أما الانتصاب فلا يخل به إطراق الرأس وإنما يعتبر نصب الفقار، فليس للقادر عليه أن يقف مائلاً إلى اليمين أو اليسار زائلاً عن سنن القيام، ولا أن يقف منحنياً في حد الراكعين؛ لأنه مأمور بالقيام، ويصدق أن يقال؛ هذا راكع لا قائم، وإن لم يبلغ انحناؤه حد الركوع لكن كان أقرب إليه منه إلى الانتصاب فوجهان:

أظهرهما: أنه لا يجوز أيضاً هذا عند القدرة على الانتصاب، فأما إذا لم يقدر عليه بل تقوس ظهره لكبر أو زَمَانَة وصار في حد الراكعين، فقد قال في الكتاب: إنه يقعد؛ لأن حد الركوع يفارق حد القيام، فلا يتأدى هذا بذاك، وذكر إمام الحرمين مثل ما ذكره استنباطاً عن كلام الأئمة فقال: الذي دل عليه كلامهم أنه يقعد ولا يجزئه غيره، لكن الذي ذكره العراقيون من أصحابنا وتابعهم صاحب "التهذيب" و"التتمة": أنه لا يجوز له القعود، بل يجب عليه أن يقوم، فإذا أراد أن يركع زاد في الانحناء إن قدر عليه ليفارق الركوع القيام في الصورة، وهذا هو المذهب، فإن الواقف راكعًا أقرب إلى القيام من القعود فلا ينزل عن الدرجة القربى إلى البعدى، وقد حكى القاضي ابن كج: ذلك عن نص الشافعي -رضي الله عنه- (?) فيجب إعلام قوله: (قعد) بالواو، ومعرفة ما فيه ولو عجز عن الركوع والسجود دون القيام [لعلة بظهره تمنعه من الانحناء لزمه القيام خلافاً لأبي حنيفة. لنا أنه مستطيع للقيام] (?) فيلزمه لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لعمران بن الحصين: "صَلِّ قَائِماً فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ" (?)، ولأنه عجز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015