للشافعي -رضي الله عنه- في صور هذا الأصل فمنها لو دخل في الظهر قبل الزوال لا يصح ظهراً، ونص أنه ينعقد نفلاً، كذلك رواه الصيدلاني وتابعه صاحب "التهذيب".

ولو تحرم بالفرض منفرداً وجاء الإمام وتقدم ليصلي بالناس قال: أحببت أن يسلم عن ركعتين تكونان نافلة له، ويصلي الفرض في الجماعة فقد صحح النفل مع إبطال الفرض، ونص فيما إذا وجد القاعد خفه في أثناء الصلاة فلم يقم أنه تبطل الصلاة رأساً.

ولو قلب فرضه نفلاً بلا سبب يدعو إليه فقد حكى ابن كج في نصه أن صلاته تبطل، فجعل الأئمة في هذه الصور وأخواتها كلها قولين:

أحدهما: أن صلاته لا تبطل بالكلية وتكون نفلاً؛ لأن الاختلال إنما وقع في شرط الفرض لا في شرط الصلاة بمطلقها، وقد نوى صلاة بصفة الفرضية، فإن بطلت الصفة بقي فرض الصلاة وهذا القصد مصروف إلى النافلة.

والثاني: أنها تبطل؛ لأن المنوي هو الفرض والنفل غير منوي فإذا لم يحصل المنوي فلأن لا يحصل غير المنوي كان أولى.

وهذان القولان كالقولين فيما إذا أحرم بالحج قبل أشهر الحج هل ينعقد عمرة أم لا؟ ولتوجيههما شبه بتوجيه القولين فيما إذا قال لفلان: عليّ ألف من ثمن الخمر هل يلغو جميع كلامه أم تلغو الإضافة ويلزمه، الألف.

ومن صور هذا الأصل ما إذا نوى الفرض قاعداً وهو قادر على القيام، والمسبوق إذا وجد الإمام في الركوع فيبادر إلى الركوع وأتى ببعض تكبيرة الإحرام بعد مجاوزة حد القيام فلا يصح الفرض فيهما، وهل يكون نفلاً؟ فيه القولان، وأما الأصح من القولين فقد ذكر الأصحاب أنه مختلف اختلاف الصور، ففي إذا تحرم الظهر قبل الزوال إن كان عالماً بحقيقة الحال فالأصح البطلان؛ لأنه متلاعب بصلاته، وإن كان يظن دخول الوقت بالاجتهاد فتبين خلافه فالأصح أنها تكون نفلاً؛ لأنه نوى التقرب إلى الله تعالى وبنى قصد الفرض على اجتهاد، فإذا ظهر الخطأ حسن أن لا يضيع سعيه، وفيما إذا تحرم بالفرض منفرداً، ثم أقيمت الجماعة فانفرد بركعتين وسلم، الأصح أن صلاته تبقى نفلاً؛ لأنه قصد النفل بعد الإعراض عن الفرض، وإنما فعل ذلك لأمر محبوب وهو استئناف الصلاة بالجماعة، وفيما إذا وجد القاعد خفة فلم يقم أو قلب فرضه إلى النفل لا لسبب وعذر الأظهر البطلان؛ لأن الخروج عن الفرض بغير عذر وإبطاله مما لا يجوز، وفيما إذا نوى الفرض قاعدًا وهو قادر على القيام الأظهر البطلان أيضاً؛ لتلاعبه بالصلاة، وأما مسألة السبوق فإن كان عالمًا بأنه لا يجوز إيقاع التكبيرة فيما بعد مجاوزة حد القيام فالأظهر البطلان، وإن كان جاهلاً فالأظهر أنها تنعقد نفلاً كما ذكرنا في التحرم بالظهر قبل الزوال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015