معتبرة بالقلب فلا يكفي النطق مع غفلة القلب ولا يضر عدم النطق ولا النطق بخلاف ما في القلب، كما إذا قصد الظهر وسبق لسانه إلى العصر، وحكى صاحب "الإفصاح" وغيره عن بعض أصحابنا أنه لا بد من التلفظ باللسان؛ لأن الشافعي -رضي الله عنه- قال في الحج: ولا يلزمه "إذا أحرم ونوى بقلبه أن يذكره بلسانه، وليس كالصلاة التي لا تصح إلا بالنطق". قال الجمهور: لم يرد الشافعي -رضي الله عنه- اعتبار التلفظ بالنية، وإنما أراد التكبير، فإن الصلاة تنعقد به، وفي الحج يصير محرماً من غير لفظ وإن عقب النية بقوله إن شاء الله بالقلب أو باللسان فإن قصد التبرك أو وقوع الفعل بمشيئة الله تعالى لم يضره، وإن قصد الشك لم تصح صلاته. وأعود إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب فأقول: قوله: (أن ينوي الأداء والظهر) قصد بلفظ الأداء التعرض لشيئين:
أحدهما: أصل الفعل وهذا لا بد منه.
والثاني: الوصف المقابل للقضاء وهو الوقوع في الوقت، وهذا فيه خلاف بين الأصحاب كما سبق ذكره (?)، وما ذكره جواب على وجه اشتراط نية الأداء في الأداء فليكن [كلمة (الأداء) معلمة بالواو، وقوله: (والنية بالقلب لا باللسان)] (?) معلم بالواو للوجه الذي حكيناه فيه، وهذه المسألة لا تختص بنية الفرائض ولا بنية النوافل بل تعمهما فلو ذكرها في أول مسائل النية أو آخرها لكان أحسن من ذكرها بين قسم الفرائض والنوافل.
وقوله: (فلا بد من تعيين الرواتب بالإضافة) معلم بالواو أيضاً للوجه المنقول فيهما سوى ركعتي الفجر، ثم أهم (?) الرواتب في الشهور للنوافل التابعة للفرائض وهي التي أرادها بلفظ الرواتب في باب صلاة التطوع لكن لا يمكن حمل اللفظ في هذا الموضع عليها وحدها؛ لأنه قال: وغير الرواتب يكفي فيه نية الصلاة مطلقة، وهذه النية غير كافية في صلاة العيد، وأخواتها مع أنها غير النوافل التابعة للفرائض.
قال الغزالي: وَلَوْ نَوَى الفَرْضَ قَاعِدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى القِيَامِ لَمْ يَنْعَقِدْ فَرْضُهُ، وَهَل يَنْعَقِدُ نَفْلاً فِيْهِ قَوْلاَنِ، وَكَذا الخِلاَفُ فِي التَّحَرُّم بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَكُلُّ حَالَةٍ تُنَافِي الفَرْضِيَّةَ دُونَ النَّفْلِيَّةِ، هَذَا حُكْمُ النَّيَّةِ.
قال الرافعي: الأصل الجامع لهذه المسائل: أن من أتى بما ينافي الفرضية دون النفلية إما في أول صلاته أو في أثنائها وبطل فرضه، فهل تبقى صلاته نافلة أم تبطل مطلقاً؟ فيه قولان، ذكر الأئمة إنهما مأخوذان بالنقل والتخريج من نصوص مختلفة