أتَى به صريحٌ في العَدَد، كنايةٌ في الطلاق، فإذا نَوَى أصْل الطلاق، وقَع العَدَد المصرَّح به، وإن نوى واحدة فوجْهان:

أحدهما: يقع ما تلفظ به من اثنتين أو ثلاث؛ للتصريح بالعدد.

والثاني: لا يقع إلاَّ واحدة؛ لأنه قد يُريد ثلاثَةً أثْلاَث طلقة، أو نصفي طلقة.

و [لو] أراد أن يقول لامرأته: أنت طالقٌ ثلاثاً، فماتَتْ قبْل أن يتم قوله، "أنت طالقٌ" [لم] (?) يقع الطلاق وإن ماتَتْ بعْد تمامه، وقبْل أن يقولَ "ثلاثاً" ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: ويُحْكَى عن اختيار المزنيِّ: أنه يقع الثلاث؛ لأنَّه كان قَاصِدًا للثلاث حين قال: أنتِ طالقٌ، وهذه اللفظة مع قصد الثلاث تقتضي وقُوع الثَّلاث وأيضاً فإنَّ قوله: "ثَلاثاً" معطوفا على قوله: "أنت طالقٌ مبين له، وكذلك لو قال لغَيْر المدخول بها": أنت طالقٌ ثلاثاً، يقع الثلاث، ولا يقال تبين بقوله أنتِ طالقٌ ولا يقع الثلاثُ، وقوله: أنتِ طالقٌ، وُجِدَ في حالة الحياة.

والثاني: يقَع طلقة واحدة [بقوله] (?) أنتِ طالقٌ؛ لوقوعه في حالة الحياة، ولا تقع الثلاث؛ لوقوع لفظ "الثلاث" بعد الموت، وخروجها عن محلِّية الطلاق، وهذا كما لو جُنَّ الرجُلُ بعْد قوله: "أنت طالقٌ" وقيْل قوله: "ثلاثاً" لا يقع الثلاث؛ لوقوع اللفظ بعْد خروجه عن أهلية الطلاق.

والثالث: وجْه قال أبو حنيفة: لا يقَع شَيْءٌ؛ لأن الكلام الواحِدَ لا يُفْصَل بعضه عن بعض، وقَدْ طرأ الموْت قبْل تمامه، فيلغو، ورجَّح صاحب "التهذيب" -رحمه الله- الوجْهَ الأول.

وقال إسماعيل البوشنجي: الذي تقتضيه الفَتْوى: أنْ يقال: إن نوى الثلاث بقوله: "أنت طالقٌ" وكان قصْده أن يحقق باللَّفْظ المنويَّ؛ وقع الثلاث، وإن لم يقْصِد، فلا تقع إلا واحدة، وهكذا قال أبي سعيد المتولِّي في التعبير عن الوجه الأول (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015