وقال القاضي الرُّوياني: أنا أقول: يجِبُ البحث في هذا الزمان، وقد رأيتُ امرأةً ادَّعَت ذلك؛ لتَرْجِع إلى الزَّوْج الأول، وكان الزَّوْج الثاني يَحْلِف بالأيمان المغلَّظة على أنَّه ما أصابها، وتَبَيَّنَ كَذِبُها وصِدْقُه.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالقَوْلُ الصَّحِيحُ الجَدِيدُ أَنَّ طَلاَقَ المَرِيضِ قَاطِعٌ (ح) لِلمِيرَاثِ كَطَلاَقِ الصَّحِيحِ فلاَ مَعْنَى لِتَطْوِيلِ التَّفْريعِ عَلَى القَوْلِ الضَعِيفِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: طَلاَقُ المَرِيض في الوقوع كطلاق الصَّحِيحِ، ثُمَّ إن كان رجْعياً فيبقى التوارث بيْن الزوجين ما لم تُنْقَضِ العدَّة، حتى إذا مات أحدُهما، ورِثَه الآخر، وإذا انقضَتْ عدَّتُها، ثم مات أحدهما، لَمْ يرثه صاحبُه، وأما إذا طَلَّقَها في مرض موته طلاقاً بائناً ففي كونه قاطعاً للميراث قولان: القديمُ، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد -رحمهم الله-: أنَّه لا يكون قاطعاً؟ لأن قصْد الفرار من الميراث ظاهرٌ في هذا الطلاق، فيَحْسُن أن يُعَاقَب بنقيض قصْده، وكما لو قَتَل مورِّثه؛ استعجالاً لقْرب يَحْرم الميراث، وطَلَّق عبد الرَّحْمَن بن عوف -رضي الله عنه- امرأته الكلبية في مَرَض موته، فورثها عثمان -رضي الله عنه-.

وأصحُّهما: وهو الجديد واختيارُ (?) المزنيّ: أنَّه يقطع إرثها؛ لأن الميراث بالزَّوْجيَّة، وقد انقطعت الزوجيَّة، ولأنه لا يَرِثُ منها لو ماتَتْ قبْله بالاتفاق، كذلك لا تَرِثُ هي منْه، فإن قلنا بالجديد، انقطع الكلام، ولا تفريع، واقتصر في الكتاب على ما ذَكَره، وأعرض عن التفريع على القديم، وقال: لا معنى لتطويل التفريع على القَوْل الضعيف، ولو سلَكْنا هذا المسلك في مسائل القَوْلين والوجهين، لانحطَّت عنَّا مُؤَنٌ كثيرة وفاتتْنا لطائف كبيرة فتفرع على القديم كما [هو] دأْب الفِقْه.

ونقول إذا قلنا: إنَّها ترِث فإلى متى ترث؟ فيه أقوال:

أحدها: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-: أنَّها ترثُ إلى انقضَاء عدَّتِها، فإن ماتَ بَعْدَ انقضائها, لم ترثه؛ لأنَّه لم يبق شيْءٌ من أحكام النِّكاح، عنْد الموت.

والثاني: ترث إلى أن تنكح زوجاً آخر، فإن مات بعْده، لم ترِثْ، كأنها رضيت بفرقته، وأسقَطَتْ عُلْقَتَها، عنه.

والثالث: وبه قال مالك -رحمه الله-: ترثُ متَى مات، وإن كان بعْد ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015