وصورة الهَزْل: أن يلاعيها بالطَّلاق مثْل أن تقول في معْرض الدلال والاستهزاء: طَلَّقَني ثلاثاً فقال: طلقتك ثلاثاً، فيقع الطلاق، لأنَّه خاطبها بالطَّلاق عن قَصْد واختيار، وليس فيه إلا أنَّه غير راضٍ بحكم الطلاق ظانًّا أنَّه إذا كان مستهزئاً غير راضٍ بوقوع الطلاق لا يقع الطلاق، وهذا الظن خطأ ألا تَرَى أنَّه لو طلق بشرط الخيار لنَفْسه يقع الطلاق ويلغو الشرط، وإن لم يَرْض بالوقوع في الحَال، وكما يقع طلاق الهَازل في الظَّاهر، يقع في الباطن أيضاً، بخلاف ما إذا قال: أنْتِ: طالقٌ، ثم قال: أردتُّ عن وثاق، حيث يدين, لأن هناك صَرْف اللفظ عن ظاهره إلى تأويل يدعيه والهازل، لا يصرف اللفظ إلى معنى آخر، وهل ينعقد بالبيع، وسائر التصرُّفات مع الهزل فيه وجْهَان عن الشيخ أبي محمَّد -رحمه الله- وغيره وجْه الانعقاد: حُصُول الأهلية والمحلية، والصيغة، الصادرة عن قصْد واختيار، ووجه الآخر: أن ظاهر الحَدِيث يَقْتَضي اختصاص الْتحَاق الهازل بالجِدِّ بالتصرفات الثلاثة، وقد مرَّ ذكر الوجهَيْن في "كتاب البيع" وقربناهما من الخلاف فيما إذا بَاع قال أبيه على ظَنِّ أنَّه حيٌّ، فإذا هو ميت، ويُشْبه أن يكون الانعقاد أظْهر، والخلاف جار في النكاح؛ لأنَّه كالبيع وسائر التصرُّفات في أنَّه لا يكمل مبعضه ولا يؤيد موقّته، لكن الحرّ يقتضي التحاقه بالطَّلاق، والعتاق، ولفظ صاحب الكتاب هاهنا، وفي "الوسيط" له إضعار بترجيح عدَم الانعقاد، وقد يؤيد ذلك بما يختَصُّ به النِّكاح من وجوه الاحتياط.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثُ: الجَهْلُ): فَإِذَا خَاطَبَ امْرَأَةٌ بِالطَّلاَقِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَةُ الغَيْرِ فَإذَا هِيَ زَوْجَتُهُ فَالمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقَعُ وَيَنْقَدِحُ أَنْ لاَ يَقَعَ، وَالأعْجَمِيُّ إِذَا لُقِّنَ لَفْظَ الطَّلاَقِ وَهُوَ لاَ يَفْهَمُهُ لَمْ يَقَعْ، وَإِذَا بَاعَ مَالاً عَلَى ظَنِّ أنَّهُ لأَبِيهِ فَإذَا هُوَ مَيِّتٌ فَفِي صِحَّتِهِ خِلاَفٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا خاطب امرأةً: بالطلاق على ظَنِّ أنَّها زوجة الغَيْر، وكانت في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015