النَّدَمِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنَ الحَيْضِ فَهُوَ بِدْعِيٌّ في وَجْهٍ لاقْتِرَانِهِ بِالحَيْضِ وَسُنِّيٌّ مِنْ وَجهٍ لاسْتْعْقَابِهِ الطُّهْر الْمَحْسُوبَ، وَكَذَلِكَ الخِلاَفُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنَ الطُّهْرِ وَلَكِنْ بِالعَكْسِ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي الحَيْضِ لَكِنْ لَوْ دَخَلَتْ وَهِيَ طَاهِرَةٌ يُعَدُّ سُنِّيّاً، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضاً يُعَدُّ بِدْعِيّاً فَيُسْتَحَبُّ المُرَاجَعَةُ.
قال الرَّافِعِيُّ: فيه ثلاث صور:
احدهما: لا بدعة في الجمع بين الطلقات الثلاث، خلافاً لأبي حنيفة ومالك، وهو رواية عن أحمد، واحتج الأصحابُ بما روي أن عُويمراً العجلانيَّ لمَّا لاَعَنَ عنْد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا، هِيَ طَالِقٌ ثَلاَثاً" (?)، ولم ينكر النبي -صلى الله عليه وسلم-
قالوا: ولو كان حراماً لأَنْكرَ عليه، وإن لم يقع الطلاق في تلك الحالة لحصول الفرقة باللِّعَان، لئلا ليأتي بمثله والأولى أن يفرق الطلقات على الأَقْرَاء أو على الأشهر إن لم تكن من ذوات الأقراء، ليتمكن من الرجعة، أو تجديد النكاح إن لحقه ندم، فإن أراد أن يزيد من قرء على طَلْقَة، فرق على الأيام، وعن "شرح التلخيص" وغيره: حكايه وجهين: في أن التفريق، هل هو سُنَّةٌ مع الجزم بان الجَمْع ليس ببدعة؟.
والظاهر المنع ولك أن تقول: مسألة الجَمْع دخيلةٌ في هذا المَوْضِع، ولو أخَّرها إلى أن يفرغ من الكلام في سببي التحريم جميعاً، لكان أحسن.
الثانية: ولو قال: أنتِ طالقٌ مع آخر حيْضِك، أو مع آخر جُزء من أجزاء حيضك فوجهان: أحدهما: أنه يقع بدعياً لاقترانه بالحَيْض.
وأظهرهما أنَّه يقع سنيًّا؛ لاستعقابه الطهر المحسوبَ، والشروع في العدة.
ولو قال: أنتِ طالقٌ مع آخر جزء من الطهر، ولم يطأْها في ذلك الطهر، فإن قلْنا: الانتقال من الطهر إلى الحيض قُرْء، فهو سنِّيٌّ؛ لمصادفته الطهْر والشروع في العدة عقبيه، وإن لم نجعلْه قرءً انعكس الوجهان السابقان، إن وقع بدعيًّا وهو الأصحُّ، ويُحْكَى عن نصه في "الأم" وعن ابن سُرَيْج: أنه يقع في الصورتين بدعيّاً، أخْذاً بالأغلظ، ولو قال في الصورتين: بدل "مع" في آخر جزء من كذا ففي "التتمة" القطْع بأنه إذا قال: في آخر جزء من الحيض يقعُ بدعيًا وإذا قال في آخر جزء من الطهر، يقع سنيًّا، وخصَّص الخلاف بما إذا كان المستعمل لفظ "مع" ولم يفرق الأكثرون بينهما؛