الطلاق في ذلك الطهر أيضاً بدعيًّا، وإن لم يطأْها أشْبَهَ أن يكون المقصد من المراجعة مجَرَّدَ الطلاق، وكما يُنْهَى عن النكاح الذي يقصد به الطلاق، يُنْهى التي يَقْصد بها الطلاق، فليمسكْها إلى أن تحيض، وتَطْهُرَ مرَّة أخرى؛ ليتمكن من الاستمتاع في الطهر الأول، ويطلّق (?) في الطهر الثاني، وهذا ما أورده في الرواية المشْهُورة في القصَّة على ما قدَّمناها.
وهل يستحب أن يجامعها في ذلك الطهر على هذا الوجه؟ حُكِيَ فيه تردُّد الأصحاب -رحمهم الله- ليظهر مقصود الرجعة، والأظهر المنع، والاكتفاء بإمكان الاستمتاع، والوجهان في أنه هل يطلِّق بعد الطهر التالي لذلك الحيض؛ كأنَّهما في أنَّه هل يتأدَّى به الاستحباب بتمامه، فأمَّا أصل الإِباحة فما ينبغي أن يكون في حُصُوله خلاَفٌ، وكذا أصل الاستحباب؛ لأنه يندَفِعُ بذلك إضْرار التطويل (?) وليعلَّم قوله في الكتاب "فَيُسْتَحَبُّ أنْ يراجِعَهَا" (?) بالميم؛ لما ذكرنا من مذْهَب مالك -رحمه الله-، وذكر الإِمام أن المراجعة، وإن كانت مستحبة، فلا ينتهي الأمر فيه إلى أن يقول: تَرْكُ المراجعةِ مكروهٌ (?).
فرع: طلقها في الطُّهْرُ، ثم طلَّقها طلقةً ثانية، وقد حاضَتْ.
قال في "التتمة" يبنى على أنَّها، هل تستأنف العدة إن قلنا: نَعَمْ، فهو بدْعيٌّ؛ لأن الإِضرار قائم، وإن قلنا: لا يستانف، فوجهان:
أحدهما: أنه بدعي لوقوعه في الحيض.
والثاني: المنع؛ لأن التحريم الإِضرار بالتطويل، ولا إضرار ويجري الوجهان فيما إذا طلقها في الحَيْض، ثم طلقها طلقةً أخْرَى في تلْك الحيضة أو في حيضة أخرى، هل تكون الثانية بدعية، وليُعْلمْ أن الطلاق في النِّفَاس بدعيٌّ، كالطلاق في الحيض؛ لأن المعنى المحرِّمَ شامل (?).
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلاَ بِدْعَةَ فِي الجَمْعِ بَيْنَ الثَّلاَثِ وَلَكِنَّ الأَوْلَى التَّفْرِيقُ حَذَراً مِنَ