قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ المَرْأَةِ في الخُلْعِ وَالتَّطْلِيقِ عَلَى أَصَحِّ الوَجْهَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ لاَ تَسْتَقِلُّ بِهِمَا، وَلاَ يَتَوَلَّى وَكِيلُ الخُلْعِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ.
قال الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:
إحداهما (?): لو وَكَّل الرجل امرأة بخلع زوجته، أو بطلاقها، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأنَّها لا تستقل بالطلاق.
وأصحهما: الجواز؛ لأنه لو قال لها: طلِّقي نَفْسَك، فقالت: طلقْتُ، يجوز ويقع الطلاق، وذلك على ما سيأتي إما تَمْليكٌ أو توكيلٌ، إن كان توكيلاً، فذاك، وإن كان تمليكاً فمن جاز تمليكُهُ الشَّيْء جازَ تَوْكيله به، وفي "التَّتِمَّة" أن توكيل المرأة بالخُلْع مبني على أن قَوْل الرجل لامرأته: طلِّقي نَفْسَكِ تفويضٌ، أو تمليكٌ إن قلْنا: تفويض، فيجوز، وإلاَّ فلا، والأول أصح، ولا خلاف أن الزَّوْجَة لو وكَّلت امرأة بالاختلاع يجوز، ويجوز أن يكون وكيلُ الزوجة والزوج ذِمِّيّاً لأن الذميَّ قد يخالع المسلمة ويطلقها، ألا تَرَى أنَّه لو أسلمت المرأة، وتخلّف الزوج فخالعها في العدَّة، ثم أسْلَم يحكم بصحة الخلع، ويجوز أن يوكِّل الزوج في الخلع العبد، والمكاتَبَ، والسفيه المحجور عليه، ولا يشترط إذْنُ السيد والوليِّ؛ لأنه لا يتعلق في الخُلْع عُهْدة توكيل الزوج، ولا يجوز أن يوكَّل المحجور عليه بالقَبْض، فإن فعل، وقبض ففي "التَّتِمَّة": أن المختلع يبرأ ويكون الموكِّل مُضَيِّعاً لماله، ولو وكَّلت الزوجة بالاختلاع عبْداً، فيجوز، أَذنَ السَيِّدُ أو لم يأْذَنْ فإن كان الاختلاع على عين مال لها فذاك وإن كان على مال في الذِّمَّة، نُظِرَ إن أضافه إليها، فهي المطالبة، وإن لم يضف بل أطلق فإن لم يأْذَن السيد في الوكالة فيجوز للزوج مطالبته بالمال بعد العتق، وإذا غرم، رجع على الزوجة إذا قصد الرجوع وإن أذن في الوكالة تعلق المال بكسبه كما هو اختلعت [الأمة] بإذن السيد، وإذا أدَّى من كَسْبِه ثَبَت الرُّجوع على المُوَكَّلة، ولو وكَّلت بالخُلْع سفيهاً محجوراً عليه، قال في "التَّهذيب": لا يجوزُ، وإن أذن الوليُّ، ولو فعل وقَع الطلاق رجعيَّا، كما لو اختلعت المرأة المحجورةُ لنَفْسها، وهذا على ما ذكر صاحب "التتمة" فيما إذا أطلق، أمَّا إذا أضاف المال إلَيْها، فتحصل البينونة، ويلزمها المال؛ لأَنَّ الحَجْر على السفيه لدفع الضَّرَر عنْه، وليس في قَبُول الخُلْع عليها إضْرار بالسفيه.
الثانية: الوَاحِدُ لا يتولَّى طرفَي الخُلْع بالوكالة، كما في البَيْع وسائر العقود، وإذا وكل الزوجان واحداً، تولى ما شاء من الطرفين مع الآخر أو وكيله وهذا أظهر الوجهين.