إلاَّ برضاهما (?)، فإن لم يرضيا, ولم يتفقا على شَيْءٍ أدَّب القَاضِي الظَّالِم، واستوفى حقَّ المظلوم، وعلى القول الثاني، لا يشترط رِضَا الزوجين في بَعْث الحَكَمَيْن، وإذا رأى حَكَمُ الرجل أن يطلق طلق واستقل به، ولا يزيد على طَلْقَة واحدة، ولكن إن راجع الزَّوْج وداما على الشقاق زاد إلى أن يستوفي الطلقاتِ الثَّلاَثَ، وإن رأى الخُلْعَ وساعده حكم المرأة تخالعا، وإن لم يَرْضَ الزوجان، هذه هي الطريقة الظاهرة، وفي كتاب القاضي ابن كج عن أبي الطَّيِّبِ بن سَلَمَةَ وابن سُرَيْجٍ، القَطْع بأن الفُرْقَة لا تنفذ إلاَّ برضا الزوجين، والقولان في أنَّه هل يحتاج في بَعْث الحكمين إلى رضَاهُمَا وعن أبي إسحاق، طريقة القطع بأن بَعْثَ الحكمين لا يَحْتَاج إلى إذنهما؛ فلعله يُؤَثِّر في صَلاَح حالهما، والخِلاَفُ في نُفُوذ الفُرْقَة بغَيْر إذنهما، وإيراد صاحب التَّتِمَّة، ينطبق على هذه الطريقة ولو رأى الحكمان أن تترك المرأة بَعْضَ حَقِّها من القَسْم أو النفقة أو ألاَّ يتسرى أو لا ينكح عَلَيْهَا غيرها لَمْ يلزمه ذلك بلا خلاف.
وإن كان لأحدهما على الآخر مالٌ يتعلق بالنِّكَاح؛ كالمَهْر والنفقة (?)، أو لا يتعلق به، لم يجز للحكمين استيفاؤه من غير رضا صاحِبِ الحَقِّ بلا خلاف وأما الصفات المَشْرُوطَةُ في حق المبعوثين، فلا شَكَّ في اشتراط العقل والبلوغ، ولا بدّ [له] من العدالة إن قلنا: إنه تحكيم، وإن قلنا: إنه توكيل، ففي كتاب القاضي ابن كج: أنه لا يشترط العدالة، كما في سائر الوكالات وهو قضية قوله في الكتاب، "وعلى هذا يشترط عدالتهما"، فإنَّه أشعر بتخصيص الاشتراط بالقول الثاني والأكثرون شَرَطُوها، وإن جعلناه تَوْكيلاً، وقالوا: إذا تعلقت الوكالة بِنَظَرِ الحاكمِ، فلا بدّ وأن يكون الوكيل عَدْلاً كأمين الحاكم، ويجري هذا الخلاف في الحرية والإِسْلاَم، ولا بدّ من الاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما, ولفظ الكتاب يشعر بتخصيص اعتباره بالقول الثاني، لكن يشترط في التوكيل أيضاً أن يكون الوكيل ممن يتأتى منه المفوَّض إلَيْه، ولا بُدَّ من الذكورة إنْ جَعَلْنَاهُ تحكيماً، وإن جعلْنَاه تَوْكِيلاً، قال أبو عبد الله الحناطي: لا يشترط الذكورة في حكم المَرْأة، وفي حُكْم الرَّجُل وجْهَان بناءً على أن المرأة هل تتوكل في الخُلْع، ولا يشترط فيهما الاجتهاد، إن جعلْنَاه تحكيماً لما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى أن من يفوض إلَيْه القاضي أَمْراً جزئياً لا يشترط فيه إلاَّ عِلْم ذلك البَابِ، وكذلك لا يشترط كونُهُمَا من أهل الزوجين؛ لأن القرابة غير معتبرة في الحكم ولا في الوكالة إلاَّ أنَّ الأَهْلَ أَوْلَى؛ لأَنَّه أشْفَقُ وأقْرَبُ إلى رِعَايَة الصَّلاَح، ولأنَّه أعْرَف ببواطن الأحوال، ولأن القريب قد يفشي سره إلى قريب من غير حِشْمَة، وإن كان الحاكم قريبَ أحَدِ الزوجين، فله أن يذهب بنفسه، وفيما علق عن الإِمام: أنَّه يشترط أن يكون