ومما عُدَّ من مأموراته: المُشَاورة، كما قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي اْلأَمْرِ} [آل عمران: 159]، وهَلْ كانَتْ واجبةً، أو مستحبة؟ فيه وجهان:
أظهرهما: أولهما. وكان يَجِبُ عليه، إذا رأَى منكراً أن ينكر عليه، وُيغَيِّرَهُ؛ لأنّ اللَّهَ تعالى وعده بالعِصْمة، والحفْظ (?). وكان يجبُ عليه مصابَرَةُ العَدُوِّ، وإن كثر عَدَدُهم، والأمة إنما يلزمها الثبات، إذا لم يزدْ عدد الكفار على الضِّعْف. وكان يجب عليه قضاء دَيْنِ مَنْ ماتَ من المسْلمين مُعْسِراً. وحكَى الإِمَامُ وجهاً آخرَ: أنه لم يكُنْ واجباً علَيْه، وإنما كان يقضيه تكرُّماً، وهل كان على الأئمة قضاء دَيْنِ المُعْسِرِ من مال المصالح؟ فيه وجهانِ عن رواية الشيخ أبي علي (?). وقيل: كان يجبُ عليه، إذا رأَى شيئاً يعجبه أن يقول:
لَبَّيكَ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَة. [و] هذا في غير النِّكاحِ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَتَخْييرِ نِسَائِهِ (و) بَيْنَ اخْتِيَارِ زِينَةِ الدُّنْيَا أَوِ اخْتِيَارِهِ، وَمَنِ اخْتَارَتْةُ هَلْ يَحْرُمُ طَلاَقُهَا؟ فِيهِ خَلاَفٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: أمَّا في النِّكَاحِ، فقد أوجب اللَّهُ تعالى عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تخييرَ نِسَائِهِ بيْن مفارقته، واختيار زينة الحياة الدُّنْيَا (?)، فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ