قال اللهُ تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] أي: زيِادةً على الفرائض. وعن عائشةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "ثَلاَثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَهُنَّ لَكُمْ سُنَّةٌ: الْوِتْرْ، والسِّوَاكُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ" (?).
وفي قيام اللَّيل وجْهٌ: آخرُ أنه نُسِخَ وجوبُهُ في حقِّهِ، كما في حقِّ الأُمَّةِ، وهذا ما أورده الشيخُ أبو حامدٍ، وفي الوَتْرِ، أيضاً وجهٌ حكاه أبو العباس الرُّوَيانيُّ: أنه لم يَكُنْ واجباً عليه. واعلم أن مقْتَضَى الخبرِ الَّذي نقلناه عن رواية عائشةَ -رضي اللَّهُ عنها-، وكلامِ الأئمةِ هنا أنَّ الوِترَ غيرُ التهجد (?) المأمور به، وذلك يخالِفُ ما مَرَّ في "باب صلاة التَّطَوُّعِ" أنه يُشْبِه أن يكون الوتر هو التهجُّدَ، ويعتضد به الوجه المذكور هناك عن رواية القاضي الرُّويَانيِّ، وكأنَّ التغايُرَ أظْهَرُ.
ومنها: السِّوَاكُ. كانَ وَاجِباً عَلَيْهِ؛ للخبرِ، وفيه وَجْةٌ آخَرُ: أنه كان مُسْتَحَبّاً (?)، كما في حقِّ الأُمَّةِ. وليعلَم من لفظ الكِتَاب: "الأَضْحَى" "والوِتْر"، و"التهجد"، و"السِّوَاك": أربعتها، بالواو، لما ذكرنا.