يستبقي لنفسه ما يتعلل به؛ وعلى ذلك تُحْمَلُ الأحاديث المختلفة ظواهرها في الباب والله أعلم.
وقد نجز الفراغ بعون الله تعالى من شرح ما تضمَّنه الكتاب ونردفه بمسائلَ مِنْ قسْم الصَّدَقات متفرِّقة ينبغِي للإمام والسَّاعِي وكلِّ من يفوَّض إِليه أمرُ تفريقِ الصدقاتِ أن يعتنِيَ بضبطِ المستحِقِّين، وبمعرفة أعدادِهِمْ، وأقدار حاجاتهم؟ بحيث يقع الفراغ من جميع الصدقات بَعْدَ معرفة أحوالِهِم أو معها؛ ليتعجل حقوقهم، وليأمن هلاك المال عنده.
وينبغي أنْ يبدأ في القسمة بالعللين؛ لأن استحقاقهم أقوى، فإنهم يأخذون على وجه العوض، وأيضاً، فليتبين أن سهمه يوافق أجرته أم لا، ولا يجوز للإمام ولا للساعي أنْ يبيع ما يجتمع من مالِ الزكاةِ عنده، بل يوصِّلها بحالها إلى المستحِقِّين، إلا إذا وقعت ضرورةٌ؛ بأنْ أشرفَ المواشِي على الهلاك، أو كان في الطريق خطراً أو احتاج إلَى رد جبران أو إلى مؤنة النقل، فيبيع حينئذٍ، وإذا وجبتْ ناقةٌ أو بقرةٌ أو شاةٌ، فليس للمالك أن يبيع، ويقسم الثمن، بل يجمعهم ويدفع إليهم، والإمامُ أيضاً هكذا يفعل في جواب الأكثرين، وفي التهذيب؛ أنَّ الإمام إنْ رأى، فَعَلَ ذلك، وإن رأَى أنْ يبيع، باع وفرَّق الثمن عليهم (?).
وإذا دفع الزكاة إلى من ظنه بصفة الاستحقاق، فَبَانَ غنياً أو من ذوي القربَى، أو عبداً أو كافراً، فالفرض ساقطٌ عن المالك بالدفْع إلى الإمام الَّذي هو نائب المستحِقِّين، ولا يجب الضمان على الإمَامِ فيما إِذا بأن غنيّاً؛ لأنه لا تقصير منْه ويستردُ من المدفوع إليه، سواءٌ أعلمه أنه زَكاة أم لا، فإد كان قد تلف غرمه، وصرف الغرم إلى المستحِقِّين، وفي سائر الصور المذكورة قولان:
أصحُّهما: أنه لا يضمن أيضاً، كما لو بان الغِنَى.