يُعْطَى؛ لأنه استدان في معصية، فلا يؤمن أنْ يعود، ويتخذ التربة ذريعة".

والثاني: يعطى، كلما لو خرج في معصية، ثم أراد الرجوع يعطَى من سهم ابن السبيل، وبهذا قال أبو إِسحاق، وهو الأصح عند أبي خلف السلميِّ، والقاضي الروياني، وهو الجواب في "الإفصاح" (?) ولم يتعرَّضوا هاهنا للاستبراء ومضِّي مدةٍ [بعد تَوْبَةٍ] (?) يظهر فيها صلاح الحال، إلاَّ أنَّ الرُّويانيَّ لما ذكر أنه أصح الوجهين، قال: هذا إذا غلب على الظنِّ صدْقُه في توبته، فيمكن أنْ يحمل عليه.

والثالث: وهو غير مذكور في الكتاب: أن يكون الدَّيْن (?) حالاً، فإن كان مؤجَّلاً، فعلى وجهين؛ لأنه واجب في الحال، لكن لا مطالبة، وهما كالوجهين في النجوم، إذا لم تَحُلْ بعد، وقد ترتب الخلاف في الغارم على الخلاف في المكاتَبِ، ثم تارةً يجعل الغارم أولَى بأنْ يعطَى؛ لأن ما عليه مستقرٌّ، وما على المكاتب متزلزلٌ، وتارةً يجعل المكاتب أولَى بأن يعطى؛ لأن له التعجيلَ لَغَرَضِ الحرية، وفضل بعضهم، فقال: "إن كان الأجلُ يحل في تلك السنة، فيعطى وإلاَّ فلا يعطَى من صدقات تلك السنة" (?).

الدَّيْن الثاني: ما استدانه لإصلاح ذات البين (?)، وذلك بأن يخاف شرّاً وفتنةً بين شخصَيْن أو قبيلتين، فيستدين طلباً للإصلاح، وإسكان الثائرة؛ فينظر إن كان ذلك في دمٍ تَشَاجَرَ فيه قبيلتان، ولم يظهر القاتلُ، فتحمل طالبُ الصلاح الدية، فيقضي دينه من سهم الغارمين، إن كان فقيراً، وكذا لو كان غنيّاً بالعقار؛ لأن بيع العقار يَعْسُر، وقد يهتك المروءة، فلو أحوجنا إليه، لامتنع الناس من هذه المكرمة، ولو كان غنيّاً بأحد النَّقْدَيْن، فكذلك الجواب على أصحِّ الوجهين؛ لعموم ما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلاَّ لِخَمْسةٍ؛ لِغَازٍ في سَبِيلِ اللهِ أَوْ لِعَامِل عَلَيْهَا، أوْ لِغارِم، أوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أوْ لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، فَأَهدى الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015