أو عرض، فقولان: القديم؛ أنه يقضي؛ لعموم الآية، وأيضاً، فقد روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تَحِلُّ الصَّدقَةِ إِلاَّ لِخَمْسَةٍ" (?) وذكر منهم الغارم، وأيضاً: فالغارم لإصلاحِ ذات البين يعطَى مع الغني، فكذلك هاهنا، والأصح المنع؛ لأنه يأخذ لحاجته إلينا، فاعتبر فقره كالمكاتب وابن السبيل، ويخالف الغارم لإصلاح ذات البين، فإنه يأخذ لحاجتنا إليه؛ لتطفئة الفتنة؛ وعلى هذا فلو وجد ما يتهضي به بعضَ الدين، لم يعط إلاَّ ما يقضي به الباقي، ولو لم يملك شيئاً إلا أنه كسوب يقدر على قضاء دينه من كسبه، فوجهان:

أحدهما: لا يُعْطَى؛ تنزيلاً للقدرة على المكسب منزلةَ ملْكِ المال؛ كما في سَهْم الفقراء والمساكين.

وأشبههما: أنه يعطَى؛ بخلاف الفقير والمسكين؛ لأن حاجتهما تتحقَّق يوماً فيوماً، والكسوب يحصل في كل يوم ما يكفيه، وهاهنا الحاجة حاصلة في الحال؛ لثبوت الدَّيْن في ذمته وإنما يقدر على اكتساب ما يقضي به الدَّين بالتدريج، ويجري الوجهان في المكاتب، إذا لم يملك شيئاً، لكنه كسوب، ومن المهمِّ البحثُ عن معنى حاجته إلى قضاء ذلك الدَّين، وعبارة أكثرهم تقتضي كونه فقيراً لا يملك شيئاً، وربما صرحوا به، وفي بعض شروح "المفتاحِ": أنه لا يعتبر المسكن والملبس والفراش والآنية، وكذا الخادم والمركب، إذا اقتضاهما حاله، بل يقضي دينه، وإن ملكها، ويقرب منه قولُ بعْض المتأخِّرين؛ أنا لا نعتبر الفقر والمسكنه هاهنا، بل لو ملك قدر كفايته، ولو قضى دينه، لنقص ماله عما يكفيه فيقضي من دينه قدر ما ينقص عن الكفاية، والمقصودُ أنه يترك معه ما يكفيه ولا يدخل في الإِعْسَار، وهذا أقرب، والله أعلم.

والثاني: أن يكون دَيْنه في طاعة، كسفر حجٍّ أو جهادٍ، أو في مباح؛ كما يستقرضه للإنفاق على نفسه وعياله، وكخسرانٍ يلحقه في معاملة؛ أما إذا استقرض في معصية؛ كثمن خمر، والإسرافِ في الإنفاق، فلا يعطَى من سهم الغارمين على المشهور (?). وفيه وجه غريبٌ رواه الحَنَّاطيُّ، وهذا إذا كان مصرّاً على المعصية، فإن تاب، فوجهان معروفان:

أصحهما: عند ابن الصباغ وصاحب "التهذيب"، وبه قال ابن أبي هريرة: "أنه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015