الثاني: يستحب أن يكون للمسجد مؤذنان يؤذن أحدهما قبل الصبح والآخر بعده كما كان لمسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأول أولى بالإقامة، وإن لم يكن إلاَّ مؤذن واحد فيؤذن مرتين، مرة قبل الصبح، وأخرى بعده، ويجوز أن يقتصر على مرة واحدة، إما قبل الصبح أو بعده، أو بعض الكلمات قبل الصبح وبعضها بعده، فإذا اقتصر على مرة فالأولى أن تكون بعد الصبح على المعهود في سائر الصلوات (?).
قال الغزالي: قَاعِدَةٌ، تَجِبُ الصَّلاَةُ بأَوَّلِ (ح) الوَقْتِ وُجُوباً مُوَسَّعاً (ح)، فَلَوْ مَاتَ فِي وَسَطِ الوَقْتِ قَبْلَ الأَدَاءِ عَصَى عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَلَوْ أَخَّرَ حَتَّى خَرَجَ بَعْضُ الصَّلاَةِ عَنِ الوَقْتِ فَفِي كَوْنهِ أَدَاءً ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ، وَفِي الثَّالِثُ يُجْعَلُ القَدْرُ الخَارجُ قَضَاءً (ح).
قال الرافعي: الصلاة تجب بأول الوقت وجوبًا موسعاَ، ومعنى كونه موسعاً أن له أن يؤخرها إلى آخر الوقت ولا يأثم. وعند أبي حنيفة تجب بأخر الوقت، لكن لو صلى في أول الوقت سقط الفرض. لنا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (?) والأمر للوجوب. ولو أخر من غير عذر ومات في أثناء الوقت فهل يعصى؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأنه ترك الواجب.
وأصحهما: لا (لأنه أبيح له التأخير) (?)، بخلاف ما لو أخر الحج بعد الوجوب فمات بعد إمكان الأداء يعصى؛ لأن آخر الوقت غير معلوم، وأبيح له التأخير بشرط أن يبادر الموت، فإذا مات قبل الفعل أشعر الحال بتقصيره وتوانيه وفي الصلاة آخر الوقت معلوم فلا ينسب إلى التقصير ما لم يؤخر عن الوقت.
ولو وقع بعض الصلاة في الوقت وبعضها بعد خروج الوقت، فقد حكى صاحب الكتاب فيه ثلاثة أوجه ولم يفرق بين أن يكون الواقع في الوقت ركعة أو دونها.
أحدها: أن الكل أداء اعتباراً بأول الصلاة.
والثاني: أن الكل قضاء اعتباراً بالآخر، فإنه وقت سقوط الفرض بما فعل.