سَلَبُهُ" ويجوزُ أنْ يريدَ ما رُوِيَ عن خالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، وعوف بن مالكٍ -رضي الله عنهما- وَهُوَ الذي يَدُلُّ عليه سياقُ "الوسيط" وليعلم قوله: "ولا يخرج الخُمُس" بالميم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَمَّا قِسْمَةُ الغَنِيْمَةِ فَفِيهَا مَسَائِلُ: الأولى إِذَا مَيَّزَ الإمَامُ الخُمُسَ وَالسَّلَبَ وَالرَّضْخَ وَالنَّفَلَ قَسَّم البَاقِيَ عَلَى الغَانِمِينَ بِالسَّويَّةِ عَقَاراً كَانَ أَوْ مَنْقُولاً، وَلاَ يُؤَخِّرُ القِسْمَةَ (ح) إِلَى دَارِ الإِسْلاَمِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: القول فِي قسمة الغنيمة وأحكامها يتوزَّع عَلَى هذا الباب، وعلَى كتاب "السير" نحن نشرح كلَّ قسمٍ منْها في موضعه -إِن شاء الله تعالَى- فما يتعلَّق بهذا المَوْضِع أنه إذا أراد الإمامُ أو أميرُ الجيشِ القسْمَة، بدأ بالسَّلَب، فيدفعه إلى القاتل؛ تفريعاً على المصحيح، وهو أنَّ السلَبَ لا يخمَّس، ثم يخرج المُؤَن الَّتي تلزم من أجْرَةِ الحمَّال والحافظ وغيرهما، ثم يجعل الباقِي خمسةَ أقسامٍ متساوية ويأخذ خَمْسَ رِقَاعٍ فيكتب على واحدةٍ: للهِ تعالَى، أو للمصالح، وعلى أربعةٍ للغانمين، ويدرجها في بَنَادِق متساويةٍ، ويجففها، ويخرج لكلِّ قسم رقعة، فما خرج عليه اسمُ الله تعالَى، جعله بين أهْلِهِ على خمسة أسهمٍ، وفيه يقع النَّفلُ على الظاهرِ مِنَ الخلافِ المذْكُور فيه، ويقسَّم الباقي على الغانمين، ويقدَّم قسمته على الغانِمِينَ عَلَى قسمة الخُمُس؛ لأنهم حاضِرُونَ مَحْصُورون، وفيه يقع الرضخ على الظَّاهِرِ من الخَلافِ فيه، ولا فَرْقَ بين المنقول والعَقَار من أموالِ الكُفَّار؛ لإطلاق القرآنِ والأخبار.
وقال أبو حنيفة وأحمد -رحمه الله- يتخيَّر الإمام في العَقَار بَيْن القسْمَة؛ كالمنقول، ويين أنْ يرده على الكفَّارِ، ويضرب عليه خراجاً، فتصير حقّاً عَلَى رقبة الأرض، ولا يسقط بالإسْلامِ، وبين أن يقفه على المُسْلمين.
وقال مالك -رحمه الله- تصير وقْفاً بنَفْس الاغتنام، وعند أحمد -رحمه الله-: إنْ رأَى الإمام أن الأصْلَحَ قسمتها، قسمها، وإن رأَى وقفَهَا وَقَفَهَا، وكلٌّ نَزَّلَ أمْرَ سوادِ العراقِ على مذهبه، وسيأتي ذلك في "السير" -إن شاء الله تعالى- ويجوز قِسْمَة الغنائِمِ في دارِ الحَرْب من غير كراهة (?) لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَسَّم غنائمَ بَدرٍ بشِعْبِ مِنْ شِعَاب الصَّفْراء قَرِيبٍ من بَدْرٍ، وقسم غنائمَ بني المُصْطَلِقِ عَلَى مياههم، وقسم غَنائم حنين بَأوْطَاس، وهو وادي حنين (?).