الأخرَى وبها قال مالكٌ وأبو حنيفةَ: أنه ليس للقاتِلِ السَّلَبَ إِلاَّ إذا نادَى الإمامُ وشرطه.
لنا حديثُ أبي قتادَةَ -رضيَ اللهُ عَنْه- المذْكُورُ في أوَّل الفَصْلِ، فإنَّ قتله المشْرِك، كان قَبْلَ النداء، وقد دفع إليه سَلَبُهُ، ثم السَّلَبُ معدودٌ من أصْل الغنيمة.
وعن مالك -رحمه الله-: أنه يحْسب من خمس الخُمُس المَصْروف إلى المصالح، فإنْ كان بقَدْرِه، فذاك، وإنْ زاد السَّلَب، دفع إلى القاتل قَدْرُ خُمُس الخُمُس، والباقي للمصالح، وإنْ زاد خُمُس الخُمُس، دُفِع إليه السَّلَب، والباقي للمصالح، ولنرجع إِلَى ما يتعلَّق بلفظ الكتاب، والله أعلم.
قوله: "يوجَدُ مع القتيل" إِشارة فيه إلى أنَّ ما خلفه في خيمته من الثِّيَاب والسِّلاح لا يُعَدُّ من السَّلَبِ، وقوله: "وزينته" ينطبق عَلَى أظهر القولَيْن في الخاتم والسِّوار، وقد ذكر فيها الخلاف من بعد، وقضية لَفْظِهِ هَاهُنَا إخراجُ الدنانيرِ الَّتي معه؛ لأنَّها ليْسَتْ من الثياب، والسلاح ولا الزينة وقوله: "أو كان القتيلُ منهزماً" محمولٌ على ما إذا نهزَمَ مع الجيش دُون أنْ ينهزم، والصفُّ بحاله، كما بيناه وقوله: "وإنْ أَسَرَ كافراً، استحق سَلَبَهُ" مُعْلَمٌ بالواو، وكذا قولُه: "والذمِّيُّ لا يستحِقُّ السَّلَب" لما مَرَّ وقوله: "وفي مستحقِّ الرَّضْخ" أي: سوى الذِّمِّي، وقوله: "الحقيبةُ المشدودةُ عَلَى فَرَسِهِ، وكذا الجنيبة لَيْسَتْ مِنَ السَّلَبِ على الأشْهَر" هكذا هو في بعض النُّسَخِ، وهو صحيحٌ، والخلافُ ثابتٌ في كلتيهما عَلَى ما حكَيْنَا وقَطَعَ بعضُهم الجنيبة عن الحَقِيبَة، وألحق بينهما كلمةُ "فَصَار" والحقيبة المشْدُودة عَلَى فَرَسِهِ ليست من السَّلَب، والجنيبةُ إلى آخره، ولعلَّ الحاملَ عليه أنَّ صاحِبَ الكتاب حكَى في "الوسِيط": اتفاقَ الأصْحَاب عَلَى أنَّ الحقيبةِ ليْسَتْ من السلب، ثم عن القاضي: أنَّه لا بُدَّ؛ من أجل الخلافِ فيها، ولَوْ جمع بَيْن الخاتَم والسِّوَار الحَقِيبةَ، والجنيبة، والدَّنانير، وحكي الخلافَ في الجميع -لكان صحيحاً، لكنه فَصَلَ بينهما، ليتبيَّن الظاهر في السِّوَار، وما في معناه أنَّه من السَّلَب، وفي الحقيبة المَنْعُ، ورأى القولَيْن في الدنانير كالمتقاوِمَيْنِ، فأطلقهما إطلاقًا، وقرب الجنيبة من والحقِيبَة في ظهور المَنْع، فقال: "على الأشْهَر" لكن ذكر القاضي الرُّويانيُّ وغيره: أنَّ الأصحَّ عد الجنيبة من السَّلَب ثم ذُكر أبو الفرج الزاز: "أنا إذَا جعلْنا الجنيبةَ من السَّلَب، لم يستحقَّ إلاَّ جنيبةَ واحدةً" وعلَى هذا، فيبقَى النَّظَر فيما إذا كان يقودُ جنيبتن فصاعداً في أنَّ السلب أيهما، أيرجع فيه إلى تعيين الإِمَامِ، أم يُقْرَعُ (?)؟
وقوله: "والأشبهُ بالحَدِيث" يجوز أنْ يريدَ بالحديث، قولُه "من قتل قتيلاً، فله