جماعةٌ من الأصحاب منهم القاضي الرُّويانيُّ، ولو اشترك اثْنَانِ فصاعداً في الإثخان أو القتل، فالسَّلَبُ مشتركٌ.

وحكى أبو الفرج الزاز وجهاً: أنه لو وقع فيما بين جماعة، لا تُرْجَى نجاتُه منْهم، لم يختصَّ قاتله بسَلَبِهِ؛ لأنه صارَ مكْفيَّ الشَّرِّ بالوقوع فيما بينهم، وذكر أنه لو أمْسَكَهُ واحدٌ، وقتله آخَرُ، كان السَّلَبُ بينهما؛ لأنَّ كفايةَ شَرِّه حصلَتْ بهما ويخالف القِصَاصُ، فإنه مَنُوطٌ بالقَتْلِ؛ وكأن هذا التصويرُ فيما إذا مَنَعهُ من أنْ يذْهَب لوجهِه، ولم يضبطه، فأما الإِمسَاكُ الضابطُ، فإنه أسْرٌ، وقتلُ الأسيرِ لا يُسْتَحَقُّ به السَّلَبُ، ولو أثخنه واحدٌ، ثم قتله آخر، فالسَّلَب للمثخن (?)، ولو جَرَحَهُ، ولم يثخنه، ثم قتله آخرُ، فالسَّلَبَ للثاني، وإذا أُسِرَ كافِرٌ، هل يستحق سلبه؟ فيه قولان:

أحدهما: لا لأنَّ شره كلُّهِ لا يندفع بالأسر.

وأصحُّهما: وهو اختيار الشيخ أبي حامد والقَفَّال -رحمهما الله تعالَى- نعم؛ لأنَّ الأسْرَ أصعَبُ من القتل، وأبْلَغُ في القَهْر، ولأنه إذا أُسِرَ، تمكَّن الإمامُ من القَتْل وغيره، ثُمَّ الإمامُ يتخيَّر في الأسير الَّذي لَيْس من الذُّرِّيَّة بين القتل، والاسترقاق، والمَنِّ، والمفادَاةِ عَلَى ما سيأتِي في مَوْضِعه -إن شاء الله تعالى- فإنْ أرقَّهُ، هلْ لمن أسره رَقَبَتُهُ، وإنْ فاداه، هَل له مالُ الفداءِ؟ طُرِدَ فيه القولان، ومنهم: من يَقول: فيه وجهان، ويشبه أنْ يكونَ الأظهر هاهنا المَنْعَ؛ لأن اسم السَّلَب لا يَقَعُ عليه وأمَّا مستحِقُّ السَّلَب، فمن يستحق سَهْمَ الغنيمة يستحقُّ السلب، وأما من لا يستحقه؛ كالعبد والصبي والمرأة، ففيه وجهان، ويقال: قولان:

أحدهما: الاستحقاقُ لعُمُومِ الخبَر؛ لأنهم كَفُّوا الشرَّ.

والثاني: المنِع؛ لأنَّ استحقاق الغنيمة آكد مِن استحقاق السلب، فإذا لم يستحقَّ الغنيمة، فالسلب أوْلَى، وعلى هذا، فلو كان القاتِلُ خنثَى يوقف السلَبُ إلَى أنْ يتبين حالُهُ، وفي الذِّمِّيِّ طريقان:

أحدُهُما: طَرْدْ الخلافِ، وهذا ما ذكره العراقِيُّون.

والثاني: القَطْعُ بالمَنْع، والفرق أنَّ الصبيَّ والمرأة والعبد أشْبَهُ بالغانمين؛ ألا تَرَى أنهم يستحقُّون بالحُضُور والكَافِر لا يأْخُذُ إِلاَّ عَلَى سبيل الأجْرة، وفي "التهذيب": أنَّه إنْ قلْنا: يرضخُ له من الغنيمة، فهو كالعبد، وإنْ قُلْنَا: من مالِ المَصَالِحِ، فلا سَلَبَ له، وهذا إذا حَضَر الذمِّيُّ بإذْن الإمَام، أما إذا حَضَرَ بغَيْر إذْنه، فلا سلب له، وكذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015