كَثَّروا السَّوَاد، وأعانوا المسلمين، فيرضخ لهم بشيء وحَكَى أبو الفرج الزاز قولَيْن: في أنه مستحَبٌّ أَو مستحَقٌّ، والمشهور الاستحقاقُ، لم يتركْ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الرَّضْخَ قطْ، ولنا فِيهِ أسوةٌ حسنةٌ، ثم يجتهد الإِمامُ في تقديره، ولا يبلغْ به سهْمَ واحدٍ من الغانمين، فلا يبلغ به سهم راجلهم؛ إنْ كان من يُرْضَخُ له راجلاً، وإنْ كان فارساً، فهل يجوز أَن يبلغ به سهْم راجِلِهمْ؟ فيه وجهان؛ بِناءً على أنه، هَلْ يجوز أنْ يَبْلُغَ تعزيرُ الحُرِّ حَدَّ (?) العبيد، ولا فَرْقَ بين أنْ يَكُونَ حضُورُ العبيد بإذْنِ السَّادَةِ والصِّبْيَان والنِّسَاء، بإذْنِ الأولياءِ والأزواجِ، أو بغَيْر إِذْن، أما الذِّمِّيُّ: إذا حضر بغير إِذنِ الإمام؛ فإنَّه لا يستحقُّ شيئاً؛ لأَنه متَّهَمٌ بموالاة أهْلِ دينه، بل للإمامِ تعزيرُهُ، إذا أدَّى اجَتهادُه إِلَيْه، وفيه وجةٌ: أنه يستحقُّ الرضْخَ، والمَسألةُ بما فيها من الخلاَفِ مذكورة في كتاب "السِّيَرِ"، وإنْ حضر بالإذْنِ، فإنْ كان قد اسْتَأجَرَهُ، فليس له إلاَّ الأجْرَةُ، وإِلاَّ فلَهُ الرضْخُ، وفي بعض الشُّرُوح وجّةٌ: أَنَّه لا شَيْءَ له، وعن أبي إسْحَاقَ: أنَّه إِنَّما يستحقُّ الرضْخَ، إذا قاتل؛ بخلاف سائر مستحقِّي الرضْخِ؛ لأَن المدفوعَ إلَيْه في معْنَى الأجرةِ فلا بدَّ من العمل، ونساءُ أهْلِ الذمةِ، إِذا خَرجْنَ بإذْنِ الإمام، لهُنَّ الرضْخُ على أصحَّ الوجهَيْن؛ كنساء المسلمين، ويفضل الإمامُ بين أهل الرَّضْخِ عَلَى حَسَب ما يرَى من غنائمهم؛ فيزيد المقاتِلَ، ولمن قتاله أكثَرُ عَلَى غيره [والفارس على الراجل] ويفضل المرأة التي تداوِي الجَرْحَى، وتسقي العطشَى على التي تَحْفَظُ الرَّجُلَ بخلاف سَهْم الغنيمة، حيْثُ يسوّي فيه بين المقاتل، وغيره، وفرق بعض بينهما بأن الغنيمة: منصوص عليها [والرضخ مجتهد فيه، فجاز أن يختلف كلدية الحرِّ، لما كان منصوصاً علَيْه] (?) لم يختلف، وقيمة العبد مجتهدٌ فيها، فاختلفت، ومن أين يُرضَخُ لهم؛ أما العبيد والنساء والصبيان، ففيه ثلاثة أقوالٍ، وربما قِيل: أوجه:

أحدها: مِنْ أصْلِ الغنيمة؛ كأجرةِ النَّقْلِ، والحَمْلِ، والحِفْظ؛ لأنَّ حضورهم لمصلحة الغَنِيمَة، والغانمي؛ فإنَّهم يسقون الماءَ، ويحفظون الرحل، ويكفون المؤَن، فيتفرَّغ الغازون لشأنهم.

والثاني: من خُمُس الخُمُسِ بسهم المصالح؛ لأنهم ليْسُوا من أهل أربعةِ أخماس، الخمس، ولا هُمْ عَلَى صفات الغانمين؛ فكان الدفْعُ إِلَيْهم من المصالح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015