أحدهما: طوله.

والثاني: أن الضوء يكون في الأعلى دون الأسفل كما أن الشعر يكثر على أعلى ذنب الذئب دون أسفله وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَغُرَّنَّكُمُ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ" (?). ويتمادى وقت الاختيار إلى الإسفار، لحديث جبريل عليه السلام. وهل يزيد الوقت عليه؟ قال أبو سعيد الإصطخري: لا، والمذهب أنه يبقى وقت الجواز إلى طلوع الشمس لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ" (?) ثم من الإسفار إلى طلوع الحمرة جواز بلا كراهية، ووقت طلوع الحمرة وقت الكراهية فيكره تأخير الصلاة إليها من غير عذر، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وكذلك [أورده] (?) في "التهذيب" فيحصل للصبح أربعة أوقات كما للعصر.

وقوله: "ووقت الجواز إلى الطلوع" إن كان المراد منه ما تشترك فيه حالة الكراهية وحالة عدمها فلا مخالفة بينه وبين ما حكيناه، ولكنه خص اسم الجواز بما لا كراهة معه في فصل العصر، ألا تراه يقول: "وبعده وقت الجواز إلى الاصفرار ووقت الكراهية عند الاصفرار" فيشبه أن يريد بالجواز هاهنا مثل ذلك أيضاً، وحينئذ يكون ما ذكره مخالفاً لما حكيناه والله أعلم.

قال الغزالي: ثُمَّ يُقَدَّمُ (وح) أَذَانُ هَذِهِ الصَّلاَةِ عَلَى الوَقْتِ فِي الشِّتَاءِ لِسَبْعِ بَقين مِنَ اللَّيْلِ، وَفي الصَّيْفِ بِنِصْفِ سُبْعٍ، وَقِيلَ: يَدْخُلُ وَقْتُ أَذَانِهِ بِخُرُوجِ وَقْتِ اخْتِيَارِ العِشَاءِ، ثُمَّ لْيَكُنْ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ يؤَذِّنُ أحَدُهُمَا قَبْلَ الصُّبْحِ والأخَرُ بَعْدَهُ.

قال الرافعي: صلاة الصبح تختص في حكم الأذان بأمور، ذكر منها هاهنا شيئين:

أحدهما: أنه يجوز تقديم آذانها على دخول الوقت خلافاً لأبي حنيفة.

لنا ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ" (?) والمعنى فيه إيقاظ النُّوَامِ، فإن الوقت وقت النوم والغفلة ليتأهبوا للصلاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015