هكذا رتَّب الأَصحاب، وظاهر لَفْظ الشَّافعي -رضي الله عنه- يوافقه.

وفي "أَمالي" أبي الفرج السرخسيِّ حمله على الَّذِينَ هُمْ أَبْعدُ من الأَنصار، فأَما سائرُ العَرَب الذين هم أَقرَبُ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأَنصار فيقدَّمون عليهم، وإِذا تساوَى اثناَن في القُرْب، قُدِّم أسنهما، فإِن استويا في السِّنِّ، فأَقدمهما إِسلاماً، وهجرةً (?)، ثم يعطِي العَجَمَ بَعْد العَرَب، ثم في "المهذب" و"التهذيب": أَنَّ التقديم فيهم بالسِّنِّ والفضائِلِ، ولا يقدم بعضهم علَىَ بعضٍ بالنسب، وفيه كلامان:

أحدهما: أن المعتبر في العَرَب القُرْبُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعَجَم قد يعرف نسبهم، فينبغي أَن يعتبر في معروفي النَّسَب منْهم القرب والبعد أَيْضاً.

والثاني: أن النسب في بَابِ الصَّلاة بالجماعةَ من الأَسباب المقدمة، [و] حكينا أَن هناك عن كلامِ الإِمام -رحمه الله-: أَن الظاهرَ رعايةُ كلِّ نسب يعتبر في الكفاءة في النِّكاح، وسنذكرَ إنْ شَاء الله -تعالَى جَدُّه- أَن نسب العَجَمِ مرعيٌّ في الكفاءة عَلَى خلافٍ فيه، فليكُنْ ذلك هاهُنَا (?) قال الأَئمة: وجميعُ الترتيبِ المذْكُور في هذه الوظيفةِ مستحَبٌّ، لا مستحق (?) واعلم أَنه قد سَبَق في خصال التقديم للصَّلاَة ذكْرُ خلافٍ في أَن المقدَّم من السنِّ والنَّسَب أَيهما، ولم يذكروه هاهنا، بل أَطلقوا تقديمَ شَرَفِ النَّسب على السِّنِّ، فليتأَمل في الفرق.

الرابعةُ: لا يُثْبِتُ في الديوانِ اسْمَ الصبيانِ، والمجَانِينِ، والنِّسْوَان، والعبيد، والضُّعَفَاء الَّذِين لا يصلُحُون للغَزْو نَحْو العميان والزمْنَى، وإِنما هم تَبَعٌ للمقاتل، إذا كانوا في عياله، يعطي لهم كما مَرَّ، وإِنما يُثْبِتُ في الديوانِ اسْمَ الرجالِ المكلَّفيَن المستعِدين للغزو، وإِذا طَرَأ على المقاتل مَرَضٌ أَو جُنُونٌ، نظرَ: إِن كان يرجَى زوالُه، أُعْطِيَ، ولَمْ يسقط اسمه من الديوان، وإلاَّ لرغب الناس عن الجهاد، واشتغلوا بالكَسْب، فإنهم لا يأَمنون هذه العوارِضَ، وإِن كان لا يرجَى زواله، فيسقط اسْمُهُ، وهل يعطَى، فيه الخلافُ المذكورُ عَلَى الأثر في زوجة المقَاتِلِ وأَولاده بعد موته، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015