ذلك، لم يضْمَن، قال في "المعتمد": "وإن شدَّها في عَضُدِهِ، وخَرَج بها، فإنْ كانَ الشَّدُّ مما يلي الأَضْلاَعَ، لم يضْمَنْ؛ لأنه أَحْرَزُ من البَيْت، وإن كان الشدُّ من الجانب الآخَرِ، ضمن؛ لأن البيت أحرز منه، والله أعلم.
وفي تقييدهم الصورةَ بما إذا قَالَ: "احفْظهَا في البيت" ما يُشْعِرُ بأنه لو أودعه في البَيْت، ولم يَقُلْ شيئاً، يجوز أنْ يخرج بها مربوطةً، ويشبه أن يكُونَ الرجُوعُ إلَى العَادَةِ.
الصورة الثانية: إذا عين للوديعةِ مكاناً؛ بأن قال: احْفَظْها في هذا البَيْت، أو في هذه الدار، فإما أن يقتصَر علَيْهِ، أو ينهاه مع ذلك عَنِ النَّقْل، فإن اقتصر علَيْه، فنقلها إلَى ما دُونَه في الحرز، ضَمِن، وإن كان المنقولُ إِليه حِرْزاً لمثْلِها، وإن نقلها إلَى بيتٍ مثْلِ الأوَّل، أو أحرز منه، لم يضمن، ويحمل التعيينُ عَلَى تقدير الحِرْز به، لا دون التخصِيص الَّذي لا غَرَضَ فيه، كما إذا أجَّر أرضاً لزراعةِ الحنْطَةِ، يجوز أن يزرعها، وما ضَرَرهُ مثْلُ ضَرَرْها، نَعَم: لو كان التلف بسبب النقْل، كما إذا انْهَدَم علَيْه البيتُ المنقولُ إلَيْه، فيضمن؛ لأنَّ التلَفَ هاهنا جَاءَ من المخالَفَةِ. وقوله في الكتاب وكذلك مكتري الدابَّة للرُّكُوب، إذا ربَطَها في الإصْطَبْلِ، فماتَتْ، لم يَضْمَنْ، وإن انهدم عليها، ضمن المسألةُ مذكورةٌ في الإِجارةِ، والغرضُ هاهنا الاستشهادُ، والسرقةُ من البَيْت المنْقُولِ إليه كالانهدام فيما ذكَره صاحب "التهذيب" و"التتمة" فلفظ الكِتَابِ في الإِجَازَةِ يقتضي إلحاقَ السَّرِقَةِ والغَصْب بالمَوْت، وكذا أورده بعْضُهمِ، وإن نهاهَ عن النَّقْل، فقال: احفَظْهَا في هذا البيت، ولا تنْقُلْها، فإن نقل من غير ضَرُورَةٍ، ضمن؛ لصريحِ المخَالَفةِ من غَيْر حاجة، سواء كان المنقولُ إليه أحْرَزَ، أو لم يكنْ وقال أبو سعيد الإِصطخريُّ إن كان مثل الأوَّلُ أحرزَ، لم يضمن، كما لو لم يَنْه، وإن نقل ضرورة غارةٍ أوَ غلبةِ أو حريق اللصوصِ لم يضمن، إذا كان المنقولُ إليهِ حِرْزاً لمثْلِها، ولا بأس بكَوْنه دُونَ الأوَّل، إذا لم يجدْ أحرَزَ منْه، ولو ترك النقْلَ، والحالَةُ هذه، فأصحُّ الوجهين: أنه يضمن؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه قَصَدَ بالنهي عن النَّقْلَ نوعاً من الاحْتِيَاطِ، فإذا عرضَتْ هذه الأحوالُ، فالاحتياطُ النقْلُ، وإن قال: "لا تَنْقُلْها، وإن حدثَتْ ضرورةٌ" فحدثَتْ ضرورةٌ، فإن لم ينقلْ (?)، لم يضمَنْ، كما لو قال: "أَتْلِفْ مالِي" فأتلفه، وفيه وجه عن الإِصطخريِّ -رحمه الله- وإن نقل فوجهَان:
أصحهما: أنه لا يضمن أيضاً؛ لأنه قصد الصيانةَ والإصْلاحَ، وحيثُ لا يجوزُ النقْلُ إِلاَّ بضرورةٍ، فلو اختلَفَ في أنَّه، هَلْ كان ضرورةً، فإن عرف هناكَ ما يدَّعيه