غاب المالك، ضَمِنَهُ، والله أعلم
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالتَّكْلِيفُ شَرْطٌ في العَاقِدَيْنِ، فلَوْ أَخَذَ الوَدِيعَةَ مِنْ صَبِيٍّ ضَمِنَ إِلاَّ إِذَا أَخَذَ تَخْلِيصاً عَلَى وَجهِ الحِسْبَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ صَبيٍّ فَأَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ، لأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَكَذَا الخِلاَفُ في تَعْلِيقِ الضَّمَانِ بِرَقَبَةِ العَبْدِ إِذَا أَوْدَعَ فَأَتْلَفَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لا يصحُّ الإيداع إِلاَّ من مكلَّف، فلو أودعه صبيٌّ أو مجنونٌ مالاً، لم يقبله، وإن قبله، ضمن، ولا يزولُ الضمانُ إِلاَّ بالردَّ إلى الناظر في أمره، نَعَمْ، لو خاف هلاكه، في يده، فأخذه على وجه الحسبة صوناً له، ففي الضمان وجْهَانِ، كالوجهين فيما إذا أخذ المُحْرِم صَيْداً من جارحةٍ ليتعهده، والظاهر أنَّه لا يَضْمَنُ (?)، ولا يصحُّ الإيداع إِلاَّ عند مكلَّف؛ لأنه استحفاظ، والصبيُّ والمجنونُ ليسا من أهْلِ الحفْظِ فلو أودع مالاً عند صبيٍّ، فتلف عنده، لم يضمن؛ إذ ليس عليه حفظه فأشبه ما لو تركه عند بالغٍ من غير استحفاظ، فتلف، وإنْ أتلفه، فقَوْلاَنِ، ويقال: وجهان:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة: أنَّه لا يضمن لأنَّ المالك سلَّطه عليه، فصار كما لو أقرضه أو باعه منه، وأقبضه، فأتلفه، فلا ضمانَ علَيْهِ.
والثاني: وبه قال أحمد -رحمه الله-: "أنَّه يضمن، كما لو أتلف مال الغير من غير سَبْقِ استحفاظ" ولا تسليط على الإتلاف (?).