أنبط عيناً، أو حَفَر نَهْرًا، أو غرس شَجَرة، أو وَقَف مُصْحَفًا في حال حياته، أو فَعَل غيره عَنْهُ بعد موته، يُلحَقُ الثواب بالميِّت.
واعلم أنَّ هذه الأمُورَ إذا صَدَرَت من الحيِّ، فهي صدقات جاريةٌ يلحقه ثوابُهَا، بعد الموت، كما ورَدَ في الخَبَرِ.
وإذا فعَلَ غيره عنْه بعْد موته، فقد تصدَّق عنه، والصدقة عن الميت تنفعه، ولا ينبغي أنْ يخصَّص الحكم بوَقْف المُصْحَف، بل يُلْحَقُ به كلَّ وقف، وهذا القياسُ يقتضي جوازَ التَّضْحِيَة عن الميت؛ فإنها ضرْب من الصدقة، وقد رأيت أبا الحَسَنِ العبَّاديَّ أطلَقَ القَوْلَ بجَوَازِ التضحيَةِ عن الغَيْرِ. ورَوَى فيه حديثاً (?)، لكن في "التهذيب": أنه لا تجوزُ التضحيَةُ عن الغَيْر بغَيْر إذْنه، وكذلك عن الميِّت إلا أن يكُونَ قد أوصَى به، والله أعلم.
وما عَدَا هذه القُرَب تَنْقَسِمُ إلَى صومٍ وغيره:
أما الصومُ، فلا يتطوع به عن الميِّت.
وفي قضاء فَائتةٍ عنه قولان، سبق ذكْرُهُما في "كتاب الصوم".
الجديد: المنع، والقديم أن لوليه أن يصومَ عَنْه؛ وعلَى هذا فلو أوصَى إلى أجنبي ليصومَ، كان بمثابة الولي ولو مرض بحَيْث لا يُرْجَى برؤهِ، ففي الصوم عنه وجهان، تشبيهًا بالحج.