هذا العدد دوراً لها تفريعاً على أن العادة تثبت بمرة وحينئذ ينطبق الدم على أول الدور أبداً؛ لأنا نجد عدداً يحصل من ضرب الأربعة فيه هذا العدد، وهو ثمانية، ولو قال به قائل لما كان به بأس، فإن قلت: هذا الدّور حدث في زمان الاسْتِحَاضَةِ فلا عبرة به، قلنا: لا نسلم فإنا قد نثبت عادة المُسْتَحَاضَةِ مع دوام العلّة ألا ترى أن المُسْتَحَاضَة المميزة يثبت لها بالتمييز عادة معمول بها، ولو كانت المسألة بحالها ورأت ثلاثة دماً وأربعة نقاء، فمجموع النوبتين سبعة فلا نجد عدداً إذا ضربت السبعة فيه رد ثلاثين، فاضربه في أربعة ليرد ثمانية وعشرين، واجعل أول الحيضة الثانية التاسع والعشرين، ولا تضربه في خمسة فإنه يرد خمسة وثلاثين، وذلك أبعد من الدور وعند ذلك يتقدم الحيض على أول الدور، فعلى قياس أبي إسحاق ما قبل الدور استحاضة، وحيضها اليوم الأول على قولي التّلفيق جميعاً، وقياس ظاهر المذهب لا يخفى، ولو كانت عادتها قديماً ستة من ثلاثين، وتقطع الدم في بعض الأدوار ستة ستة، وجاوز ففي الدور الأول حيضها الستة الأولى بلا خلاف، وأمّا في الدور الثاني فإنها ترى سِتَّة من أوله نقاء وهي أيام عادتها، فعند أبي إسحاق لا حيض لها في هذا الدَّور أَصْلاً.
وَأَمَّا سائر الأصحاب فقد حكى إمام الحرمين في هذه الصورة عنهم وجهين:
أظهرهما: أنا نحيضها الستّة الثانية على قولي السّحب، واللّقط جميعاً.
والثاني: أن حيضها السّتّة الأخيرة من الدور الأول؛ لأن الحيضة إذا فارقت محلّها فقد تتقدم وقد تتأخر والسّتة الأخيرة قد تخلّل بينها وبين الحيضة التي قبلها طهر كامل، فتحيض فيها وتحكم بنقصان طهرها السابق، ويجئ هذا الوجه حيث خلا جميع أيام العادة عن الحيض، هذا كله إذا لم ينقص الدم الموجود في زمان العادة عن أقل الحيض، أما إذا نقص، كما إذا كانت عادتها يوماً وليلة نقاء واستحيضت.
قال صاحب الكتاب: فهذا فيه إشكال يعني على قول السحب، لأن إتمام الدم بالنّقاء عسير؛ لأنه غير مُحْتَوِش بالدَّم في وقت العادة، ولا يمكن الاقْتِصَارُ على اليوم الواحد، ولا تكميله باليوم الثّاني، فإن مجاوزة العادة على قول السّحب ممّا لا يجوز، فبماذا تحكم؟ فيه ثلاثة أوجه:
أظهرها: أنه لا حيض لها في هذه الصُّورة؛ لتعذُّر الأقسام وبه قال أَبُو إِسْحَاقَ.
والثاني: أنها تعود في هذه الصُّورة إلى قول التَّلفيق.
وتستثنيها عن قول السحب؛ لأنه يبعد أن يقال: لا حيض لها، وهي ترى الدم شَطْرَ دَهْرِهَا على صفة الحيض، ويهذا قال أبو بكر المحمودي.
والثالث: أنا نحيضها اليوم الأول والثّاني والليلة بينهما وليس فيه إلاَّ زيادة حيضها