ولا التاسع على قولنا بالمجاوزة، لأنهما متَّصلان بدم الاستحاضة فيضعفان بضعفه، ويجري هذا الوجه في كل نوبة دم يخرج بعضها عن أيام العادة - إن اقتصرنا على أيام العادة أو عن الخمسة عشر إن جاوزنا أيام العادة، وإذا عرفنا قدر حيض هذه المستحاضة على اختلاف الأحوال، فكم مدة طهرها بعد الحيض إلى استئناف حيضة أخرى؟ ينظر إن كان التّقطع بحيث ينطبق الدَّم على أول الدور فهو ابتداء الحيضة الأخرى، وإن لم ينطبق فابتداء حيضها أقرب نوب الدماء إلى أول الدور، تقدمت أو تأخرت، فإن استويا في التّقدم والتّأخر فابتداء حيضها النوبة المتأخرة، ثم قد يتفق المتقدم، أو التأخر في بعض أدوار الاستحاضة دون بعض.
وإذا أردت أن تعرف هل ينطبق الدم على أول الدور أم لا؟ فخذ نوبة دم ونوبة نقاء، واطلب عددًا صحيحًا يحصل من ضرب مجموع النَّوبتين فيه مقدار دورها، فإن وجدته فاعرف انطباق الدم على أول الدور وإلا فاضربه في عدد يكون مردوده أقرب إلى دورها زائدًا كان أو ناقصًا، واجعل حيضها الثَّاني أقرب الدماء إلى أول الدور، فإن استوى طرفا الزيادة والنقصان فالاعتبار بالزائد، ولنوضح ذلك بأمثلة.
عادتها خمسة من ثلاثين، وتقطع الدم يوماً ويومًا في بعض الأدوار وجاوز فنوبة الدم يوم ونوبة النقاء مثله، وأنت تجد عددًا لو ضربت الاثنين فيه كان الحاصل ثلاثين وهو خمسة عشر، فاعرف أنَّ الدم ينطبق على أول دورها أبداً ما دام التقطع بهذه الصفة، ولو كانت المسألة بحالها وتقطع الدّم والنّقاء يومين يومين، فلا تجد عددًا يحصل من ضرب أربعة ففيه ثلاثون، فاطلب ما يقرب الحاصل من الضَّرب فيه من ثلاثين هاهنا عددان سبعة وثمانية إن ضربت الأربعة في سبعة رد ثمانية وعشرين، وإنْ ضربتها في ثمانية رد اثنين وثلاثين، والتَّفاوت في طرفي الزيادة والنقصان واحد، فَخُذ بالزيادة واجعل أول الحيضة الأخرى الثالث والثلاثين وحينئذ يعود ما سبق نقله من خلاف أَبِي إِسْحَاقَ لتأخر الحيض عن أول الدور فحيضها عنده في [أول] الدُّور الثاني هو اليوم الثّالث والرابع لا غير على قولي التَّلفيق جميعاً، وأمّا قول السّحب، فلأن ما قبلهما وما بعدهما نقاء، لم يتخلل بين دمين في أيام العادة، وأما على قول اللّقط، فلأنه ليس لها في أيام العادة دم إلا في هذين اليومين، وأما على ظاهر المذهب، فإن فرعنا على السّحب حيضناها من اليوم الثَّالث خمسة على التّوالي، وإن فرعنا على اللّقط فان جوزنا أيام العادة [فحيضها الثالث والرابع والسابع والثامن والحادي عشر] وإن لم يجاوزها] فحيضها الثّالث والرّابع والسّابع لا غير ثم في الدور [الثالث] ينطبق الدم على أول الدور فلا يبقى خلافاً لأبي إسحاق، ويكون الحكم كما ذكرنا في الدور الأول، وفي الدور الرابع يتأخر الحيض، ويعود الخلاف على هذا أبداً ولم نر أحدًا يقول: إذا تأخر الدم في الدور الثاني بيومين فقد صار أول أدوار المجاوزة اثنين وثلاثين؛ فنجعل