قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلفُقَرَاءِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ القِيَاسُ أنَّهُ كَأَحَدِهِمْ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ أنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً فَيُعْطِيهِ الخُمُسَ أَوِ السُّدُسَ فَيَكُونُ كَأَحَدِهِمْ (و)، وَقِيلَ: يَكْفِيهِ (م ح) أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ إِذْ لَهُ ذَلِكَ في آحَادِ الفُقَرَاءِ، وَقِيلَ: يُعْطِيهِ الرُّبُع (خ) إِذْ أَقَلُّ عَدَدِ الفُقَرَاءِ ثَلاَثَةً، وَقِيلَ: النِّصْفَ (م) لِزَيْدٍ وَالنِّصْفَ لِلفُقَرَاءِ لِلمُقَابَلَةِ في الذِّكْرِ وَهُوَ خِلاَفُ النَّصِّ، وَلَوْ أَوْصَى لِلعَلَوِيِّينَ أَوْ الهَاشِمِيِّينَ أَوْ قَبِيلَةٍ عَظِيمَةٍ فَفِي صِحَّةِ الوَصِيَّةِ قَوْلاَنِ، وَوَجْهُ الإبْطَالِ عُسْرُ الاسْتِعَابِ، مَعَ أَنَّهُ لاَ عُرْفَ في الشَّرْعِ يُخَصِّصُ بِثَلاَثَةٍ بِخِلاَفِ الفُقَرَاءِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذا الفصْلُ، والذي بعْدَه، ليس لهما كثير اختصاص [بهذا الموضع]، ولعل ركْنَ الموصَى له، أو ركْنَ الصيغة، أحقُّ بهما، ثم فِقْه الفصْل مسألتان:
إحداهما: إذا أوصى لزيد، ولجماعةٍ معه؛ فإما أن يكونوا موصوفين أو معينِينَ:
القسم الأول: إذا كانُوا موصُوفينَ غيْرَ محْصُورِينَ، كالفقراءِ والمساكينِ، ففي المسألة وجه أن الوصيَّةِ في حقِّ زيد باطلةٌ؛ لجهالةِ ما أُضِيفَ إليه، حكاه أبو الفرج [الزاز] (?) في "الأمالي" وهو ضعيف بمرَّةٍ، والصَّحيحُ صحَّتُها، وعلَى هذا، فوجهان، وُيقال: قولان:
أظهرهما: ما روى المُزَنِيُّ عن الشافعيِّ -رضي الله عنه- في بعْض كتبه: أنه قال: القياسُ أنه كأحدهم ووجه التشبيه بما إذا أوصَى لزيد، ولأولاد عَمْرٍو، فإن زيداً يكون كأحدهم، ثم اختلفوا في تَفْسِير ما ذكَرَهُ على وجوه:
أحدها: أن معناه أن الوصِىَّ يعطيه سهماً من سهام القِسْمَة، إنْ قَسَّم المالَ على أربعة من الفقراء، أعطاه الخمس؛ لأن جملة المصْرُوف إليهم خمسةٌ، وإن قسَّمه علَى خمسةٍ منهم، أعطاه السدُس، وعلَى هذا القياس، وهذا ما قرره الأستاذ أبو منْصُور.