وجب أن يكون قولُه "أوصيت للفقراء" وفقراءُ البلدة محصورُونَ، بمثابة قَوْلِهِ "أوصيت لفقراءِ هَذِهِ البلدة وهم محصُورُونَ" ويدلُّ عليه أن الأستاذ أبا منصورٍ ذَكَر في الوصيَّة للغارمين أنه يعطَى لثلاثة منهم، إن كانوا غَيْرَ محصُورِين. وإن كانوا محصورين، استوعبوا، فإن اقتصر الوصيُّ على ثلاثة، فيجزئه أم يضمن حصَّة الباقين؟ جعله على جوابَيْنِ، إن قلْنا بالثاني، فالحساب عَلَى ديونهم، أم على عدد رؤوسهم؟ فيه وجهان (?).

ولو أوصَى لثلاثةٍ معينين، وجب التسوية بينهم، بخلاف الثلاثة المصْروفِ إلَيْهم من الفُقَراء وسائر الأصناف، فإنا عرفْنا ذلك من معْهُود الشَّرْع في الزكاة، وهاهنا الاستحقاق مضافٌ إلَى أعيانهم.

ويجوز أن يُعلَمَ قولهِ: "دخل فيه المَسَاكِين" بالواو، وقوله: "فهو للمكاتَبِين" بالميم، وقوله: "وأقل ما يكفي من كلِّ جنسٍ ثلاثة" بالحاء والألفِ, لأن الحُكْم هاهنا كما في الزَّكَاة، وسنذكر مذْهَبَهُم في "قسم الصدقات".

ولو أوصَى لسبيل البر، أو الخَيْر، أو الثَّواب؛ فعلَى ما ذكرنا في الوَقْف؛ ولو قال: ضعْ ثُلِثي حيث رأيْتَ، أو فيما أراكَ الله، لا يضَعُه في نفْسِهِ، كما لو قال بعْ بكذا، لا يبيعه من نَفْسِهِ، والأَولَى صرفُهُ إلى أقارب المُوصِي الذين لا يَرِثُون منه ثم إلَى محارمه من الرِّضَاع، ثم إلَى جيرانه (?) والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015