أوصَى بأن يباع عين ماله من إنسان، نفذ، لكن لا خلافَ إلَى آخره، إلاَّ أن الاستشهاد إنما يَحْسُن إذا كان المستشهَدُ به مُتَّفَقَاً عليه، أو كان الحكْمُ فيه أظهر منه في موضع الكلام.

وادعَى صاحب "التتمة" أن الخلاف في الصورة الأولَى مبنيٌّ على الخلاف في الحاجة إلى الإجازة وإذا أوصى لكلِّ واحدٍ بعين، هي قدرُ حصته، إن قلنا بالحاجة هناك، صحَّت الوصية هاهنا، وإلاَّ، فلا، فإن كان كذلك، فالأحسنُ أن يقرأ، وكذلك لو أوصَى بأنْ تُبَاعَ عينُ ماله من إنسان، نفذ؛ ليكون عطفاً على أظهر الجوابَيْنِ في المسألة السابقة، وهذا يوجد في بعض النسخ.

ومنها: أوصَى بثلث ماله لأجنبيٍّ ووارثِ، إن صحَّحنا الوصيَّة للوارث، وأجاز سائرُ الورثة، فالثلث بينهما، وإن أبطَلْناها، أو ردها سائر الورثة، فقد ذُكِرَ وجْه: أنَّها تبْطُل في حقِّ الأجنبيِّ، أيضاً؛ أخذاً من منع تفريق الصفقة، لَكنَّهُ ضعيف؛ لأن العقْدَ مع شخصين كعقْدَيْن، بل للأجنبيِّ السدس (?).

وعن أبي حنيفة: أنَّ له تمامَ الثُّلث، ولو أوصَى لهذا بالثلث، ولهذا بالثلث، فإنِ اعتبرنا الوصية للوارث، وأجاز سائر الورثة، فلكلِّ واحد منهما الثلث؛ وإن أبطلناها، أو ردوا فلا شيء للوارث، ثم يُنْظَرَ في كيفية الرد؛ إن ردُّوا وصية الوارث، سُلِّمَ للأجنبيِّ تمامُ الثُّلُث، وفيه وجهٌ بعيدٌ؛ أنَّه لا يُسَلَّم إلاَّ السُّدُس.

وإن قالوا: ردَدْنا ما زاد على الثُّلث من الوصيَّتَيْنِ، فوجهان:

أحدهما: وهو الذي ذكره الشيخ أبو حامد، ونسبه أبو الفَرَجِ الزاز إلى اختيار القَفَّال: والشيخ أبي عليٍّ -رحمه الله- أنَّه ليس للأجنبيِّ إلاَّ السدس، فإنَّ الزيادةَ قد بَطَلَتْ بالرد؛ فكأنه أوصَى بالثلث ولهما.

وأرجحُهُمَا عند كثرهم، وهو الذي أورده في "التهذيب": أنَّ له تمَامَ الثلث، ووجِّه بأن القائل للرَّدِّ في حقِّ الأجنبي الزائدِ على الثُّلُث، وفي حقِّ الوارث الجميع، فكان الانصراف إلَى نصيب الوارث أوَلَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015