صاحب "التتمة" حكَى وجهين فيما إذا لم يكُنْ له إلا وارثٌ واحدٌ، فأوصَى له بماله:
المذهبُ منهما أنه تلْغُو الوصيةُ، ويأخذ التركة بالإرْثِ.
والثاني: أنَّه يأخُذُها بالوصية، إذا لم ينقضها، قال: وفائدةُ الخلافِ تظْهَر فيما إذا ظهر دين، إن قلْنا: إنَّه يأخذ التركة إرثاً، فله إمساكُها، وقضاءُ الدَّين من موضع آخر، وإن قلنا: إنَّه يأخُذُها بالوصية، قضاه منها, ولصاحب الدَّين الامتناعُ لو قضَى من غيرها، ومعلومٌ أنه لا فرْقَ بين أن يتحد الوارث (?)، أو يتعدَّد.
ولو أوصَى لكلِّ واحد من الورثة بعينٍ، هي قَدْرُ حصته من ثوب وعبد وغيرهما، فهل تحتاج هذه الوصيَّةُ إلى الإجازة أم لا؟ ويختص كل واحد منهم بما عينه؟ فيه وجهان:
أظهرهما: الحاجةُ؛ لأنَّ الأغراض تتفاوتُ بأعيان الأموال، والمنافع الحاصلة منْها.
والوجه الثاني: أن حق الورثة يتعلَّق بقيمة التركة، لا بعينها؛ ألا ترَى أنه لو باع المريضُ أعيانَ التركة بأثمان [مثلها]، صَحَّ، وحقوقُهُمْ في القيمة موفَّاة هاهنا؟ وذكر صاحب "التهذيب" في هذا الموضع صورتين؛ كالمستشهد بهما للوجهين.
إحدى الصورَتَيْن: إذا أوصِى بأن يُبَاعَ عين ماله من إنسان، فالوصية صحيحةٌ؛ لأن الأغراض يتعلق بالعين، كما يتعلَّق بالقدر، فتصحّ الوصية بها، كما تصحُّ بالقدر، وفي "التتمة"، "والمعتمد" للشَّاشِيِّ وجه آخر؛ أنها لا تصحُّ، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-: لأنَّه لو باع ماله في مرض [الموت] (?)؛ لا يُعْتَبَرُ من الثلث، ولو صحَّت الوصية، لاعْتِبُرَ من الثلث.
والثانية: بيع المريض مالَه من وارثه بثَمَن المثل نافذ، خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: إنَّه وصية، يُوقَفُ عَلَى إجازة سائر الورثة.
لنا: أنَّه لا تبرُّعَ فيه؛ ألا ترى أنه يجوز بيع الزائد على الثلث بثمن المِثْل من الأجنبيِّ.
والصورةُ الثانيةُ: يشهد لوجْهِ الاستغناء عن الإجازة فيما إذا أوصَى لكلِّ واحدٍ بعينٍ هي قَدْرُ حصَّته، والأَوْلَى تشهد لوجه الحاجة إليها، قكذلك قال، وكذلك لو