قيمته على الثلث، فإنْ جعلْنا الإجازةَ ابتداءَ عطيةٍ من الورثة، فولاءُ ما زاد على الثلث للمجيزين، ذكورهم وإناثهم بحسب استحقاقهم، وإن جعلْناها تنفيذاً، فولاءُ الكلِّ للميت؛ فيرَثه ذكور العصبات لا غير.

وحكَى الأستاذُ أبو منْصُورٍ عن بعض الأصحاب أنَّه يُحْتَمَلُ أن يكون الولاءُ للميِّت على القولَيْن جميعاً؛ لأنا، وإنْ جعلْنا إجازتهم ابتداءَ عطيةٍ، وقلنا: إنه ملكهم، فإجازتهم إعتاقُ الميت، كإعتاقِهِمْ عن الميت بإذنه، ومن أعتق عبده عن غيره بإذْنِهِ والتماسه، كان الولاءُ للآذن، وُينْسَبُ هذا الوجهُ إلى ابن اللَّبَّان، إلاَّ أن اعتبار الإذْنِ بعد موت الآذِنِ كالمستبعد.

ولو أعتَقَ العبْدَ في مرض الموْتِ، ومات العبدُ قبل موته، فيموتُ، كلُّه [حرٌّ أمْ] (?) كَيْفَ الحالُ؟ [فيه خلاف مذكورٌ في الكتاب] في "كتاب العتق".

أما المسائِلُ؛ فمنها:

الهبة في مرض الموت من الوارث، والوقْفُ عليه، وإبراؤه عما عليه من الدَّيْنِ، كالوصيَّةِ له، ففيها الخلاف.

ومنها: لا اعتبار بردِّ الورثة، وإجازتهم في حياة الموصِي، وإذا أجازوا في الحياة، وأذنوا له في الوصيَّة، ثم أرادوا الردَّ بعد الموت، فلهم ذلك؛ لأنه لا يتحقَّقُ استحقاقُهُم قبْل المَوتِ؛ لِجَوَازِ أن يبرأ المَرِيضُ، أو يموتوا قَبْل موْتِهِ.

وعَنْ مالك -رحمه الله- أن الإجازة قبل الموت تلزم، إلا أن يكونَ الوارثُ في نفقته، وعنه أيضاً: أنهم، إنْ أذِنُوا له في الوصية، وهو صحيحٌ، فلهم الرجوعُ، وإنْ أذِنُوا، وهو مريض، فلا رجوعَ لهم، ولو أجاوزا بعد الموْتِ، وقبل القسمة؛ قال الأستاذ أبو منصور: في تنزيلها منزلة الإجازَةِ قبل الموت قولان مخرَّجان للأصحاب، والظَّاهِرُ لزومها.

ومنْها: ينبغي أن يعرف الوارثُ مقدارَ الزائدِ عَلَى الثلث، ومقدارَ التَّركة، فإن لم يَعْرِف قدر الزائد، أو قَدْرَ التركة، لم تصحَّ الإجازة، وإن جعلْناها ابتداءَ عطيَّةِ، وإنْ جعلْناها تنفيذاً، فهي كالإبراءِ عَنِ المجهول.

ولو أجاز الوصيَّة بما زادَ عَلَى الثلث، ثُم قال: كنت أعتقدُ أن التركة قليلةٌ، فبانت أكثر مما ظَنَنْتُ، فعن نصِّه في "الأم" أنه يحلف، وتنفذ الوصية في القَدْر الذي كان يتحقَّقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015