لِرِضَاهم، وتُحْكَى هذه الطريقةُ عن المُزَنِيِّ، وعن ابن أبي هريرة -رحمهما الله-.

وقوله في الكتاب: "أما الوارثُ، فلا وصيَّةَ له" لم يُرِدْ به الجواب على هذه الطريقة، وإنَّما أرادَ بُطْلانَها عنْدَ رَدِّ الباقين؛ ألا تراه يقول على الأثر "فإن أجاز الورثة" إلى آخره وعلى مثل هذا ينزل قوله في فَصْل الوصية للعبد "وإن كان عبْدٌ وارثٌ، لم يَصِحَّ" ويجوز أنْ تُعْلَمَ هذه الكلمة بالميم؛ لأن عند مالك -رحمه الله- إن لو أوصَى لعبدِ وارِثهِ بشيء يسير، صحَّت الوصية، ووقعت للعَبْدِ، وإن أوصَى بمالٍ كبيرٍ، فهي كالوصيَّة للوارث، وقوله: "نفذَت على أصحِّ القَوليْن" عَنَى به أن الوصيَّة منعقدةٌ، موقوفةٌ، فإن أجازوها، أمضيناها، ونفَّذْنَاهَا، بإجازَتِهِم وفي القول الثاني: هي لاغيةٌ، فيكون إجازتهم ابتداءَ عطيَّةٍ منهم، وأمَّا قوله "والقاتل" فالخلاف في الوصية للقاتل عند الإجازة عَلَى ما حكاه الإمام، كالوصيَّةِ للوارثِ عنْد الإجازة، فتجيء فيها الطريقان؛ وذلك إذا لم نُطْلِق القَولَ بِصِحَّتها أمَّا إذا صحَّحناها، فلا خِيَرَةَ للوارث، ولا حاجَةَ إلَى إجازته، ويجوز أن يُعْلَمَ قوله "عَلَى أصحِّ القَوْلَينِ" بالواو، للطريقةِ القاطِعَةِ بالبطلان في الوصية للوارث، والقاتلِ، ثم الكلام في التفريع على القولَيْن في كيفية الإجازة، وفي مسائل وقواعد تنسلك في الفصْلِ:

أما التفريع: فإن قلنا: إنها تنفيذٌ وإمضاءٌ، كَفَى لفظ الإجارة، ولا حاجة إلى هبة وتجديدِ قبولٍ، وقبض من الموصَى له، وليس للمجيز الرجوعُ، وإن لم يحْصُلِ القبض بعد أن جعلْنَاها ابتداءَ عطيةٍ منهم، فلا يكفي قبولُ الوصية أولاً، بل لا بد من قبولٍ آخَرَ فِي المجلس، ومن القبض، وللمجيز الرجوعُ قبل القبض، وهلْ يُعْتَبَرُ لفظ التمليك، ولَفْظ الإعْتَاق؟

إذا كان الموصَى به العِتْقَ، فيه وجهان:

أحدهما: لا، بل يكفي لفظ الإجازة، لظاهر الخبر.

وأظهرهما: نعم، ولا يكفي لفظُ الإجازة كما لو تصرَّف تصرُّفاً فاسداً من بيعٍ، أو هبةٍ، ثم أجازه ويُنْسَبُ هذا الوجه إلى مالك، وهو الاختيار المَزَنيِّ -رحمه الله-.

وإذا خلَّف زوجةً، هي بنت عمه، وأباها، وكان قد أوصَى لها، وأجاز أبوها الوصية، فلا رجوعَ له، إن جعلْنا الإجازةَ تنفيذاً.

وإن جعلناها ابتداءَ عطيةٍ، فله الرجوع.

وإذا أعتق عبداً في مرضه، أو (أوصى) (?) بعتقه، ولا مالَ له سواه، أو زادَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015