وعن مالكٍ اختلافُ روايةٍ، وعلَى هذا؛ فلو أرْتَدَّ، صحَّتْ رِدَّتُه أيضاً، ولكنْ لا يُقْتَلُ، حتى يَبْلُغَ، فإن تابَ، وَإلاَّ، قُتِلَ (?).

وإذا قلْنا بظاهر المَذْهَبِ، فقد نَصَّ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه يُحَالُ بيْنَهُ وبيْن أَبَوَيْهِ وأهله الكفَّارِ؛ خِيفَةَ أن يستَدْرِجُوه، وطمعاً في أن يثبتَ بعد البُلُوغ على ما وصَفَه، فإنْ (?) وَصَفَ الكُفْرَ بعد البلوغ، هُدِّدَ وطُولِبَ بالإسْلام، فإنْ أَصَرَّ، رُدَّ إليهم، وفي هذه الحَيْلُولَةِ وجهان مَرويَّان في "النهاية":

[و] أحدهما: إيرادُ الكِتاب يقتضي ترجيحَهُ أنَّها محتومة؛ احتياطاً لأمر الإسْلام.

وأشْبَهُهمَا، وهو المذْكُور في "التتمة": أنَّهَا مسْتَحَبَّةٌ، فيستعطف بوالِدَيْهِ لِيُؤْخَذَ منهما، فإنْ أَبَيَا، فلا حيلولةَ، هَذَا في أحكام الدنيا.

وأمَّا فيما يتعلَّق بالآخرَةِ، فَعَنِ الشَّيْخ أبي محمد: أنَّ الأُسْتَاذَ أبَا إسحاقَ قال: إذا أَضْمَرَ الإسْلاَمَ كما أظهره، كَانَ من الفائزين بالجنَّةِ، وإن لم يتعلَّقْ بإِسْلاَمِهِ أحكامُ الدُّنيا، ويعبَّر عنْ هَذَا بأنَّ إِسْلامَهُ صحيحٌ باطِناً لا ظَاهِراً.

قال الإمامُ: وفي هذا إشْكَالٌ؛ لأنَّ من يُحْكَمُ له بالفَوْز؛ لإسلامه، كيف لا يُحْكَمُ بإسلامهِ؟ وقد يُجَابُ عنْهُ بأنه قَدْ يُحْكَمُ بالفَوْزِ في الآخِرَة، وإنْ لم يُحْكَمْ بأحكام الإسْلام في الدُّنيا، كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعوةُ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015