وَصَفَ الإِسْلامَ حيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبوَيْهِ خِيفَةَ الاسْتدْرَاجِ، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ إنْ فَرَّعْنَاهُ عَلَى المَذْهَبِ في بُطْلاَنِ إسْلاَمِهِ، أَمَّا الصَّبيُّ الَّذِي لاَ يُمَيِّزُ والمَجْنُونُ فَلاَ يُتَصَوَّرُ إسْلاَمُهُمَا إلاَّ تَابِعاً.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: مِنْ أحكامِ اللَّقِيطِ إِسْلاَمُهُ وكُفْرُهُ. واعْلَمْ أنَّ إسلام الشَّخْصِ قد يثبُتُ بنَفْسِهِ اسْتقلالاً، وقد يثبت بغَيْره تَبَعاً.
أما القِسْمُ الأَوَّلُ: فذلك في حقِّ البابغ العَاقِلِ، فيصح منْه مباشرةُ الإِسْلام بالعبارَةِ، إن كان ناطقاً، وبالإشَارَةِ، إن كان أَخْرَسَ.
وأمَّا الصَّبيُّ (?) المميزُ فلا يصحُّ إِسلامُهُ، على ظاهر المَذْهَب؛ لأنَّهُ غيرُ مُكَلَّف فأشْبَهَ غَيْرَ المميَّز.
والمجنون فيه وجهان آخَرَان:
أحدُهما، ويُحْكَى عن ابن أبي هريرة أنا نتوقَّف، فإنَّ بلغ واستَمَرَّ على كلمة الإسْلاَم تَبَّيَّنا كَوْنَهُ مُسْلِماً مِنْ يَوْمئِذٍ، وإنْ وصَف الكُفْرَ، تَبَيَّنَّا أنَّه كان لَغْواً، وقد يعبّر عن هذا بصحَّة إسْلامه ظاهراً لا بَاطناً، ومعناه أنَّا نُخْرِجُه من زمرة الكفَّارِ، ونلْحِقُهُ بزُمْرَة المسلمين في الظاهر، ولا نَدْرِي استمرارُ هذا الإلْحاق وعدمه.
والثاني: أنَّه يصحُّ إسْلامُهُ، حتى يُفَرَّق بيْنَهُ وبيْن زوْجَتِهِ الكافِرَةِ، وَيرِث مِنْ قريبه المُسْلِم، لِمَا رُوِيَ أنَّ عليًّا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- دَعَاهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلَى الإِسْلاَم قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَأَجَابَهُ (?). ويُحْكَى هَذَا الطريق عَن الإصْطَخْرِيّ، وبه قال أبو حنيفة، وأَحْمَدُ.