والصدقة والضوال، ومال الضعفاء عن الأبعاد في طلب النجعة، وعن مالك أنه لا يحمي إلا لخيل المجاهدين، ولا يحمي إلا الأقل الذي يبين ضرره على الناس، ولا يضيق الأمر عليهم، وكذلك كان البقيعُ الذي حماه رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-.
إذا عَرَفتْ ذلك، فهل يجوزُ تغيير الحِمَى ونقضه؟
أمَّا حِمَى غَيْرِ رسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ففيه قولان:
أحدهُمَا: لا يجوزُ تغييرُه لتعينه لتِلْك الجهة كالمَسْجِد والمقبرة.
وأصحُّهما: الجوازُ؛ لأنَّ الحِمَى كان يطرأ للمُسْلِمين برعايةِ مصْلَحة حالِيَّة، وقد يقتضي النظر نقضه وردَّه إلَى ما كان، وفي بعْضِ الشُّروح أنَّه يجوز [أن يكون] للحامي أن ينقض حمى نفْسَه، ولا يجوزُ لِمَن بعْده من الأئمة نقْضُ حِمَاهُ، وإذا جوَّزناه، فلو أحياه مُحْيي بِإِذْنِ الإمام، مَلَكَه، وكانَ الإذْنُ في الإحياء نقْضاً، وإن استقل، فوجهان، ويقال: قولان منْصُوصان:
أظهرهُمَا: المَنْعُ؛ لما فيه من الاعتراضِ عَلَى تصرُّف الإمام وَحكْمه.
وأما حِمَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففيه طريقان:
منهم من قال: إنَّه نَصُّ [من الشارع، فلا ينقض بحال. ومنْهم مَنْ قال: إنْ بَقِيَت] (?) الحاجةُ الَّتي حَمَى لها لم يغيّر، وإنْ زالَتْ، فوجهان:
أحدُهُما، وبه قال أبو حنيفة: أنه يجوز تغْييرهُ لزوالِ العِلَّة.
وأظهرهُمَا: المنْعُ؛ لأنَّ التغييرَ، إنَّما يكون بالاجتهادِ، ونحْنُ نقطع بأنَّ ما فعلَه مصلحةٌ؛ فلا يرفع القطع بالظَّنَّ (?).