يشتغلْ بالعمارة، بطل حقه، وليس لطُولِ المدة الواقعةِ بعْد التحجُّر حدٌّ معيَّنٌ، وإنَّما الرُّجوع فيه إلى العادة.
وقالَ أبو حنيفة -رضي الله عنه-: مدةَ التحجُّر ثلاثُ سنينَ، فلا يطالَبُ فيها بالعمارة، فإذا مضَتْ، ولم يشْتَغِلْ بالعمارة، بَطَل حقُّه، وقبْلَ أنْ يَبْطُلَ حقُّ المتحجِّر، لو بادر غيرُه، وأحيا ما يحجره غيره، ففيه ثلاثةُ أوجهٍ:
أصحُّها: أنَّهُ يملك؛ لأنَّ حقَّقَ سببَ الملك، وإن كان مَمْنوعاً منه، فأشْبه ما إذا دخَل في سَوْمِ غيره، واشترَى، وهذا الوجه حكاه القاضِي ابن كَجٍّ عنِ النَّصِّ.
والثاني: لا يملك؛ كيلا يَبْطُلَ حقُّ المتحجِّر.
والثالث: أنَّه يفْرَقُ بين أنْ ينضَمَّ إلى التحجُّر إقطاع السلطان، فلا يملك المحيي، وبين أَلاَّ ينضمَّ؛ فيملك، وَمَال الأمامُ إلى الفَرْق بيْن أنْ يأخذَ في العمارة، فلا يملِك المبتدرُ إلى الإحْيَاء، وبين أنْ يكونَ المتحجِّرُ ويرسم خطاً ونحوه فيملكُ، فهذا وجهٌ رابعٌ، وشبَّهوا الخلافَ في المسألة بالخِلاَف فيما إذا عشَّشَ الطائرُ في مِلكِه وأخذ غيرُه الفَرْخَ، هَلْ يملكه (?)؟.
[ولو باع المتحجِّر ما تحجره، ففيه وجهان، والتفريع على أن التحجُّر لا يفيد المِلْكَ. قال الجمهور: لا يصحُّ؛ لأنَّ حقَّ التملك] (?) لا يُبَاعُ؛ ألا تَرَى أنَّ الشفيعَ لا يبيع الشِّقْصَ قبل الأخذ؟
وقال أبو إسحاقَ وغيرُه: يصحُّ، وكأنَّه يبيعُ حقَّ الاختصاص، وعلى هذا، فلو باعَ وأحياه في يدِ المشتَرِي مُحْيي، وقلْنا: إنَّه يملك.
حَكَى أقض القضاةِ المَاوَرْدِيُّ عن ابن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه لا يسقطُ الثمنُ عن المشتَرِي لحصولِ التلَفِ بعد القبض، وعن غيره السُّقُوط (?).
وقوله: "فهو أولَى، إن لم يطُلِ الزمان" كان الأَولَى به أن يقول: "ما لم يطُلِ الزمان لأن الأولوية ثبتت في الحال، ثم ترتفع عند طُول الزمان.
وقوله: "وكان مشتغلاً بأسبابِ العمارة" أراد ما ذكره الإمام أنَّ حقَّ المتحجِّر يَبْطُل