النازح، وموضعُ الدوابِّ، ومتردَّدُ البهيمةِ، إن كان الاستقاءُ بهما، ومصَبُّ الماء، والموضعُ الذي يجتمعُ فيه لسَقْي الماشية، والزرْعُ من حوْضٍ ونحوه، والموضعُ الذي يطرح فيه ما يخرُجُ منه، وكلُّ ذلكَ غيرُ محدُودٍ، وإنَّما هو بحسب الحاجة.

ومن الأصحابِ مَنْ قال: حريمُ البئر قَدْرُ عُمْقِها من كُلِّ جانب:

وعن أبي حنيفة رضي الله عنه أو بعضِ أصحابه. أنَّ حريمَ البئر أربعون ذرَاعاً، وحريم العَيْن خمُسمائَةِ، ذراع؛ لما رُوِيَ عن عَبْدِ اللهِ بن مغفَّل: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "منْ احْتَفَرَ بِئْرًا، فَلَهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً حَوْلَهَا، لِطَعْنِ مَاشِيَتِهِ" (?).

وقال أَحْمَدُ: حريمُ البئر خَمْسَةٌ وعشرون ذِرَاعاً، إلاَّ أن تكونَ عَاديَّة، فيكون حريمُهَا خَمْسِين ذِرَاعاً؛ لما رُوِيَ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "حَريمُ البئْرِ الْبَدِيءِ (?) خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً، وَحَرِيمُ الْبِئْرِ العَادِيّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعاً" (?).

والْبَدِيءُ هُوَ الْبِئْرُ الَّتِي أُحْدِثت في الإسْلاَم، ولم تكُن العَادِيَّةُ هكذا، قاله في الصِّحَاحِ (?)، والشَّافعيُّ رضي الله عنه لم ير التَّحديدَ، وحَمَلَ اختلافَ الرِّواياتِ على اختلاف القدْر المُحْتَاج إليه، ويُحْكَى مثله عن مالكٍ، وبهذا يقاسُ حَرِيمُ النَّهْر المحْفُورِ في المَوَات. وعن أبي حَنِيفةَ -رضي الله عنه- فيما ذكر أبو الفَرَج السَّرْخِسيُّ أنَّهُ لا حريم للنَّهر أصلاً، وأمَّا القناةُ فآبارُها لا يُسْتَقَى (?) منها؛ حتَّى يعتبر به الحريمُ، فحريمُهَا القَدْرُ الذي لو حُفِرَ فيهِ لنقص ماؤُها، أو خيفَ منْه انهيارٌ وانكباسٌ، ويختلف ذلك بصلابة الأرْضِ ورخَاوتهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015