إحداها: ذكرنا في الفصل السابِقِ أنَّ الكفّار إذا قُرِّرُوا في بلْدة لهم صُلْحاً لم، يجز للمسلمين إحياءُ مواتها الذي يذبُّون عنه، فهو مِنْ حريم تلْك البلدة، ومرافقها ويجوز أنْ يُعْلَم قولُه في الكتاب: "فلا يحيا ما حواليها مِنَ الموات" بالواو؛ لوجْهٍ ذكرناه هناك.
الثانية: حريمُ القُرَى المحياة ما حوَالَيْها من مجتمع النَّادِي (?)، ومن مُرْتَكَضِ الخيل، ومُناخ الإبل، ومُطَّرَح الرمَاد والسِّمَاد، وسائِر ما يُعَدُّ من مرافقها.
وأمَّا مرعى البهائم، قال الإمام: إنْ بَعْدَ من القرية، لم يكن من حريمها، وإن قَرُبَ، ولم يستقلَّ مرْعىً، ولكن كانتِ البهائم تُرُعَى فيه عند الخَوْف من الإبعاد، فعن الشيخ أبي عليٍّ ذكرُ خلافٍ فيه، والظَّاهِرُ عند الإمام أنَّهُ ليْسَ مِنْ حريمها أيضاً، ولم يتعرِّضْ لما يستقل مرعى، وهُوَ قريبٌ من القرْيَة، يشبه أن يقطع بكونه من الحريم.
وعند صاحبِ "التهذيب" مَرْعَى البهائم مِنْ حقوق القرية مُطْلَقاً، والمحتطَب كالمرعَى.
الثالثة: حريمُ الدَّارِ في الموات مطرح التراب والرماد والكَنَاسَات والثلج (?) والمَمَرّ في الصَّوْب الذي فُتِحَ إليه الباب (?)، وليْسَ المرادُ منه استحقاقَ المَمَرِّ في قبالة الباب على امتداد الموات، بل يجوزُ لغَيْره إحْيَاءُ ما في قبالة الباب، إذا أبقَى له الممرّ.
فإنْ احتاج إلَى انْعِطَافٍ وازورار، فعل.
وعدَّ جماعةٌ من الأصحاب منهم القاضي ابْنُ كَجّ فِنَاءَ الدارِ من حريمها.
وقال ابْنُ الصَّبَّاعَ: عندي أَنَّ حِيْطانَ الدار لا فِنَاء لها ولا حريم، ولو أراد مُحْيي أن يَبْنِيَ بِجَنْبها، لم يلزَمْه أن يَبْعُدَ عنْ فِنَائِها، نَعمْ، يمنع مما يضر بالحيطان؛ كحفر البئر بقربها. الرابعةُ: البِئرُ المحفورةُ في الموات، حريمُها الموضعُ الذي يقفُ فيه