وكذلك لو أجَّرها بدراهم معلومة على أن يعمرها، ولا يحسب ما أنفق من الدراهم، وكذا لو أجَّرها بدراهم معلومة على أن يصرفها في العمارة؛ لأن الأجرة الدراهم والصرف إلى العمارة، والعمل في الصرف مجهول، وإن كانت الدراهم معلومة. ثم إذا صرفها إلى العمارة ثم رجع بها، ولو أطلق العقد، ثم أذن له في الصرف إلى العمارة، وتبرع به المستأجر جاز. فإن اختلفا في ما أنفقه، فقولان في أن القول قول من؟ (?)
ولو سلم إليه ثوباً، وقال: إن خطته اليوم، ذلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم، فالعقد فاسد، والواجب أجرة مثله في أي يوم خاطه.
وقال مالك وابو حنيفة: إن خاطه اليوم استحق درهماً، وإن خاطه غداً استحق أجرة المثل، وإن قال: إن خطته روميّاً فلك درهم، وإن خطته فارسياً فنصف درهم فهو فاسد، خلافاً لأبي حنيفة. والخياطة الرومية بغرزتين، والفارسية بغرُزة.
وإذا شرط التأجيل في الأجرة فحل الأجل وقد تغير النقد، فالاعتبار بنقد بيوم العقد، وفي الجعالة الاعتبار بيوم اللفظ، أو بيوم تمام العمل، حكى الإمام فيه وجهين؛ أصحهما: الأول.
ووجه الثاني: أن الاستحقاق يثبت بتمام العمل.
هذا إذا كانت الأجرة في الذمة، فإن كانت معينة ملكت في الحال كالمبيع، واعتبرت فيه، الشرائط المعتبرة في البيع، حتى لو جعل الأجرة جلد شاة مذبوحة قبل السَّلخ لم يجز؛ لأنه لا يعرف حاله في الرَّقة والثَّخانة، وسائر الصفات قبل السلخ.
وهل تغني مشاهدتها عن معرفة القدر؟ فيه طريقان:
أحدهما: أنه على القولين في رأس مال السلم؛ لأن الإجارة تعرض للفسخ والانفساخ، لتعذر استيفاء المنافع كالسلم لانقطاع المسلم فيه.
والثاني: القطع بالجواز؛ لأن المنافع ملحقة بالأعيان الموجودة لتعلقها بالعين الحاضرة، وكيف ما كان فالظاهر الجواز، هذا في إجارة العين.
النوع الثاني: الإجارة الواردة على الذمة، فلا يجوز فيها تأجيل الأجرة والاستبدال