كل واحد منهما بحيث هو مدَّع، وليس كذلك الشفيع والمشتري، بل الشفيع مدعٍ محض، والمشتري مدعى عليه محض، فاختص بالتحليف.

والثاني: أن البائع والمشتري كلاهما مباشر للعقد، والاحتمال في قولهما على السواء، وهاهنا الشفيع أجنبي عن العقد، فكان تصديق المباشر أولى.

والثالث: قال أَبو إِسْحَاقَ: كل واحد من البائع والمشتري يرجع إلى شيء بعد التحالف، هذا إلى المبيع، وذاك إلى الثمن.

وأما الشفيع والمشتري لو تحالفا لم يرجع الشفيع إلى شيء، فلا فائدة في تحليفه.

الثالثة: لو أنكر المشتري كون الطالب شريكاً، فالقول قوله مع يمينه، وإنما يحلف على نفي العلم بشركته، لا على نفي شركته، فإن نكل حلف الطالب على البَتِّ، وأخذ بالشفعة، وكذلك الحكم لو أنكر تقدم ملك الطالب على ملكه.

الرابعة: إذا كانا شريكين في عَقَار فَغَابَ أحدهما، ورأينا نصيبه في يد ثالث، فادَّعى الحاضر عليه أنك اشتريته، ولي فيه حق الشفعة، فلا يخلو إما أن يكون للمدعي بيِّنة على دعواه، أو لا يكون.

القسم الأول: أن تكون له بَيِّنَة، فيقضي بها ويأخذه بالشفعة، ثم إن اعترف المدعى عليه سلّم الثمن إليه، وإلاَّ فيترك في يد المدعي إلى أن يقر المدعى عليه، أو يأخذه عنه القاضي ويحفظه، أو يجبر على قبوله، أو الإبراء فيه ثلاثة أوجه مذكورة في "باب الإقرار" وغيره.

ولو أقام المدعي البيِّنة، وجاء المدعى عليه ببيّنة على أنه ورثه أو اتهبه، فالبينتان مُتَعَارضتان، وإن جاء ببيِّنة على أن ذلك الغائب أودعه إيَّاه، أو أعاره، فإن لم يكن للبينتين تاريخ لإيداع، فلا منافاة فيقضي بالشفعة؛ لأنه ربما أودعه، ثم باعه، وإن سبق تاريخ البيع فلا منافاة أيضاً لاحتمال أن البائع غصبه بعد البيع، ثم رده بلفظ الإيداع، فاعتمده الشهود.

قال الشيخ أبُو حامدٍ: ولاحتمال أنه تعذَّر على المشتري تسليم الثمن، فقال له البائع: أودعتك ما في يدي من هذا العَقَار إلى أن تسلم الثمن، نعم لو انقطع الاحتمال، بأن كان تاريخ الإيداع لاحقا، وذكر الشهود أنه أودعه، وهو ملكه فهاهنا يراجع الشريك القديم، فإن قال إنه وديعة سقط دعوى الشراء.

وإن قال: لا حَقٌّ لي فيه قضى له بالشفعة.

والقسم الثاني: ألا تكون له بينة، فللمدعى عليه في الجواب أحوال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015