ينتزع بما يقرّ باستحقاق الانتزاع منه، وكذلك لو كان الثمن عرضاً، وتلف، واختلفنا في قيمته، فإن نكل المشتري حلف الشفيع، وأخذ بما حلف عليه، وهذا إذا لم تكن بينة، فإن كان لأحدهما بينة قضى بها، ولا تقبل شهادة البائع للمشترى؛ لأنه يشهد لحق نفسه، وفعل نفسه.
وفيه وجه أنها تقبل؛ لأنه لا يجر إلى نفسه نفعاً بشهادته، والثمن ثابت له بإقرار المشتري، ولو شهد للشفيع، فيخرج من كلام النقلة ثلاثة أوجه:
أحدها: المنع؛ لأنه شهد على نفسه حيث يقول: بعت بكذا، وهذا ما أجاب به العراقيون.
والثاني: القبول؛ لأنه ينقض حقه، وهذا أصح عند صاحب "التهذيب".
والثالث: أنه إن شهد قبل قبض الثمن قُبِلَ شهادته؛ لأنه ينقض حقه؛ إذ لا يأخذ أكثر مما شهد به، وإن كان شهد بعده لم تُقبل؛ لأنه يجر إلى نفسه نفعاً من حيث إنه إذا قَبِلَ الثمن قَبِلَ ما يغرمه عند ظهور ذلك الاستحقاق، وإن أقام كل واحد منهما بَيِّنة على ما يقوله، فعن الشيخ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ بَيِّنَة المشتري أولى، كما أن بينة الداخل أولى من بينة الخارج.
والأصح: ويحكى عن القاضي أبي حامِدٍ: أنهما يتعارضان؛ لأن النزاع هاهنا فيما وقع عليه العقد، ولا دلالة لليد عليه، وعلى هذا فالاستعمال هاهنا.
أما إن قلنا بالتساقط، فكما لو لم تكن بينة، وإن استعملناها هاهنا إما بالقُرْعَة، وإما بالتوقف، ولو اختلف البائع والمشتري في قدر الثمن، فإن ثبت قول المشتري فذاك، وإن ثبت قول البائع بالبينة، أو باليمين المردودة، فعلى المشتري ما ادَّعاه البائع، يأخذ بما ادعاه المشتري لاعترافه بأن البيع جرى بذلك، والبائع ظالم بالزيادة، فَتُقْبل شهادة الشفيع للبائع، ولا تُقْبل للمشتري؛ لأنه متهم في تقليل الثمن، وإن لم تكن بينة وتحالفاً، وفسخ البيع بينهما، أو انفسخ، فإن جرى ذلك بعد ما أخذ الشفيع الشقص أقر في يده، وعلى المشتري قيمة الشقص للبائع، لأن جرى قبل الأخذ، ففي سقوط حقه الخلاف المذكور فيما إذا خرج معيباً.
فإن قلنا: لا تسقط أخذه بما حلف عليه البائع؛ لأنه اعترف باستحقاق الشفيع الأخذ بذلك الثَّمن، فلا يبطل حَقُّه ببطلان حق المشتري بالتحالف، بل يأخذه منه، وتكون عهدته عليه، وتكلموا في أنه لو لم يتحالف المشتري، والشفيع تحالف البائع، والمشتري، وفرقوا بينهما من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن كل واحد من البائع والمشتري يدعي شيئاً ويدعي عليه شيء، فحلف