ينكل المشتري، فيستدل الشفيع بنكوله، ويحلف وهذا لأن اليمين قد تستند إلى التخمين، ألا ترى أنه له أن يحلف على خَطِّ أبيه إذا سكنت نفسه إليه.

وقوله في الكتاب: "وحلف أنه لا يعرف وزنه" غير محتاج إليه في التصوير، فإنه لو اقتصر على أن يقول: ولو اشترى بكفٍّ من الدراهم لا يعرف وزنه فلا شفعة كان صحيحاً، وإنما يحتاج إلى الحلف إذا فرض نزاع، ثم الحلف على نفي العلم إنما يكون إذا سمع منه نفي العلم في جواب دَعْوَى الشفيع، ويجيء فيه ما سبق من الخلاف.

قال الغزالي: وَلَوْ خَرَجَ ثَمَنُ المَبِيع مُسْتَحَقَّاً وَهُوَ مُعَيَّنٌ تَعَيَّنَ بُطْلاَنُ (ح) البَيْعِ وَالشُّفْعَةِ، وَإِنْ خَرَجَ ثَمَنُ الشَّفِيعِ مُسْتَحَقاً لَزِمَهُ الإِبْدَالُ وَلَمْ يَبْطُلْ مِلْكُهُ وَلاَ شُفْعَتُهُ فِي أَظهَرِ الوجْهَيْنِ، وَكَذَا إِذَا خَرَجَ زُيُوفاً.

قال الرافعي: إذا ظهر الاستحقاق في ثمن الشِّقْص المشفوع فإما أن يظهر في ثمن المبيع، أو في ثمن الشفيع، فإن ظهر في ثمن المبيع، نظر إن كان معيباً بان بطلان المبيع، وإذا بطل البيع سقطت الشفعة، وعلى الشفيع رَدّ الشِّقْص، إن كان قد أخذه.

وعند أَبِي حَنِيْفَةَ لا يبطل البيع إذا كان الثمن نقداً، بناء علي بناء على أن النقود لا تتعيَّن بالتعيين، وإن خرج بعضه مستحقاً بطل البيع في ذلك القدر.

وفي الباقي قولا تفريق الصفقة، فإن فرقناها، واختار المشتري الإجازة، فللشفيع الأخذ، فإن اختار الفسخ، وأراد الشفيع الأخذ بالشفعة ففيه الخلاف المذكور فيما إذا أصدقها شِقْصاً، ثم طلقها قبل الدخول، وإن كان الثمن في الذمّة أي ونقضه المشتري، ثم خرج المدفوع مستحقاً فعليه الإبدال والبيع، والشفعة بحالهما، وللبائع استرداد الشِّقْص ليحبسه إلى أن يقضي الثمن.

فأما إذا ظهر الاستحقاق في ثمن الشفيع، فإن كان جاهلًا لم يبطل حقه، وعليه الإبدال، ثم حكى الإمام وجهين في أنّا نتبيَّن بم يملك بأداء المستحق؟ ويفتقر الآن إلى تملُّك جديد، أو نقول: إنه ملكه، والثمن ديناً عليه، وإن كان عالماً فوجهان:

أحدهما: أن شفعته تبطل؛ لأنه أخذ بما لا يجوز الأخذ به، فكأنه ترك الشفعة مع القدرة عليها.

والثاني: لا تبطل؛ لأنه لم يقصِّر في الطلب والأخذ، والشفعة لا تستحق بمال معين حتى تبطل باستحقاقه.

والأول: هو المذكور في "التهذيب".

والثاني: ظاهر كلام المزَنِيّ، واختاره كثير من الأصحاب، ومنهم صاحب الكتاب، وهل من فرق بين أن يكون ثمن الشفيع معيناً بأن يقول: تملكت الشقص بهذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015